اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 58
وأوصى الخليفة المهدي ابنه وولي عهده موسى الهادي - إذا آل إليه أمر الخلافة من بعده- بتعقبهم والقضاء عليهم.
واستحدث هارون الرشيد وظيفة جديدة سمى صاحبها بـ " صاحب الزنادقة " مهمته امتحان كل من يتهم بالزندقة ومحاكمته إن ثبتت عليه التهمة.
وذكر الطبري والمسعودي أن المأمون بلغه خبر عشرة من الزنادقة في البصرة، فبعث إليهم، وامتحنهم واحدًا واحدًا، وأظهر لهم صورة ماني، وأمرهم أن يتفلوا عليها ويبرءوا منها، فلما أبوا أمر بهم فقتلوا.
وثمة نزعة إيمانية صادقة ظهرت كردِّ فعل لنزعة الإلحاد والزندقة، حيث كثر العلماء المؤمنون الذين وقفوا حياتهم على خدمة الدِّين، والتمسك بآدابه ومبادئه. وفي الحق أن هذه النزعة الإيمانية كانت هي الغالبة على المجتمع العباسي؛ إذ كان الزنادقة قلة إذا قيسوا بالمؤمنين الأتقياء.
ثالثًا: حياة الترف واللهو:
تدفقت الثروة وعم الرخاء في الدولة العباسية، فانغمس كثير من الخلفاء والأمراء في حياة الترف والمجون، بل أصبح الترف سمة امتازت بها حياة كثير من الناس في هذا العصر، وقد تجلت مظاهر الترف واللهو في عدة أمور أبرزها:
أ - القصور المنيفة التي شيدت على أحسن طراز، فقد كانت قصور الأمراء والخلفاء مضرب الأمثال في رونقها وبهائها، وفخامة بنائها واتساعها، والحدائق التي تحيط بها.
ب - شاع الغناء في هذا العصر، وكثر المغنون، حيث حفلت قصور الأمراء بالمغنين من الجواري، واشتهر من المغنين عدد غير قليل لعل أبرزهم إبراهيم بن إسحاق الموصلي.
وحذا الأمراء والوزارء حذو خلفاء الدولة العباسية في الانغماس في حياة اللهو والترف، وقد أوجدت هذه الحالة جماعة متطوعة تنكر على الفساق ببغداد، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأثمرت حياة اللهو كذلك حياة مقابلة لها هي حياة الزهد التي سلكها بعض الناس.
* * *
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 58