اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 554
وقوله: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ (124)
قيل: الابتلاء والامتحان في الشاهد: استفادة علم خَفِيَ عليه من الممتحن والمبتلى به، ليقع عنه علم ماكان ملتبسًا عليه.
وفي الغائب لا يحتمل ذلك؛ إِذ اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - عالم في الأَزل بما كان، وبما يكون في أَوقاته أبدًا.
ثم يرجع الابتلاء منه إلى وجوه:
أَحدها: أَن يخرج مخرج الأَمر بالشيء أَو النهي عنه، لكن الذي ذكر يظهر بالأمر والنهي؛ فسمى ابتلاء من اللَّه تعالى.
والثاني: ليكون ما قد علم اللَّه أَنه يوجد موجودًا، وليكون ما قد علم أنه سيكون كائنًا.
وعلى هذا يخرج قوله: (حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ)، حتى نعلمه موجودًا، كما علم أَنه يوجد؛ كما قال: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ)، علم الغيبَ، علم أنه مُوجَد. وَعلم الشهادةَ، عَلِم به موجودًا، حتى يوجد الذي علم أَنه يجاهد منهم - مجاهدًا، والذي، يصبر منهم صابرًا.
ثم اختلف في الكلمات التي ابتلاه بها:
فقَالَ بَعْضُهُمْ: الكلمات: هي التي ذكرت في سورة الأَنعام، وهو قوله: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا)، ورأَي القمر بازغًا، ورأَي الشمس بازغة، هي الحجج التي أَقامها على قومه بقوله: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ).
وقيل: ابتلاه بعشر ففعلهن: خمسةً في الرأْس، وخمسة في الجسد.
لكن في هذا ليس كبيرُ حكمةٍ؛ إِذ يفعل هذا كل واحد، ولكن الحكمة فيه هي: ما قيل: إن ابتلاءه بالنار، حيث أُلْقي فيها، فصبر، حتى قال له جبريل: " أَتستعين بي؟ قال: أَمَّا منْك فلا ".
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 554