اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 328
(الإل)، وهذا اللون من أكثر الألوان شيوعًا في تفسير الماتريدي فيما يخص توظيفه علوم اللغة، ولكن مع هذا لا نعدم توجيهًا نحويًا أو نكتة بلاغية هنا أو هناك.
فمن قبيل التوجيهات النحوية ما جاء عند تفسيره قول اللَّه تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41).
فقد قال الماتريدي: " وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ). . . قَالَ بَعْضُهُمْ: هو صلة قوله: (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ)، ثم قال: (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ) أي: وإن تولوا هم وقد آمنتم أنتم فاعلموا أن اللَّه مولاكم، ليس بمولى لهم.
وقالت طائفة: قوله: (إِن كُنْتُمْ آمَنتُم) ليس على الشرط على ألا تكون غنيمة إذا لم يكونوا مؤمنين، ولا يجب العدل في القسمة إذا كانوا غير مؤمنين، ولكن على التنبيه والإيقاظ ".
والماتريدي -كما هو بيِّن من النص- يعرج على اللغة بهدف الكشف عن مراد اللَّه من الآية، فهو لا يفعل كبعض المفسرين الذين ينصب اهتمامهم على اللغة، حتى تكاد تفسيراتهم تكون لغوية خالصة ككتب معاني القرآن، من مثل: معاني القرآن وإعرابه للزجاج، ومعاني القرآن للأخفش، ومعاني القرآن للفراء. . . وغيرها، أو تكون التفسيرات ذات صبغة لغوية بارزة بجوار الاهتمام بمعاني الآيات، كتفسير النسفي.
ومن قبيل النكات البلاغية التي أشار إليها الماتريدي في تفسيره، ما جاء في قوله تعالى: (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا)، حين قال: " يشبه أن يكون الضحك كناية عن الفرح والسرور، والبكاء كناية عن الحزن، يقول: افرحوا وسروا قليلاً، وتحزنون في الآخرة طويلًا ".
ولم يشر -أيضًا- الماتريدي إلى النكتة البلاغية بغرض إثباتها وحسب، بل لأنها تخدم المعنى وترشد إليه؛ ولذلك كان الماتريدي مقلاًّ من الاتكاء على مباحث البلاغة، ولم يكن تفسيره تفسيرًا بلاغيًّا صرفًا ككتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة، أو كتب إعجاز القرآن ككتاب إعجاز القرآن للباقلاني، ولم يكن متشبعًا بالمباحث البلاغية كتفسير الزمخشري مثلاً، بل إن النكتة البلاغية تأتي لبيان غرض معين.
ولعل عدم اهتمام الماتريدي بعلوم اللغة راجع إلى أمرين:
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 328