اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 312
الأمور العقيدية في إطار تفسيره للآية.
يقول الماتريدي: قوله عَزَّ وَجَلَّ: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ) قيل: إلى الدنيا، وقيل: إلى المحنة من حيث لا يحتمل كون الدنيا بعد كون الآخرة، لكن هذا تكلف لتحقيق مراد قوم ظهر سفههم، ولعله ليس عندهم التمييز، أو يقولون سفهًا كما قالوا كذبًا بقوله: (وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).
وقوله عَزَّ وَجَلَّ: (بِآيَاتِ رَبِّنَا) قال الحسن: بدين ربنا.
وقال قوم: بحجج ربنا، فيكون في الآية اعتراف أنهم على التعنت كذبوا في الأول لا على الجهل، وإن كان ثم آيات عاندوها، وهم قوم قد سبق من اللَّه الخبر عنهم مما فيه العناد منهم. . .
ثم دل قوله: (وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) أنهم قد عرفوا أن الإيمان هو التصديق لوجهين:
أحدهما: أنهم جعلوا الإيمان مقابل التكذيب؛ ليعلم أنه التصديق.
والثاني: أنهم ذكروا الآيات، والآيات يكذب بها ويصدق لا أن يعمل بها.
وبعد: فإن الذي في حد إمكان الإتيان مما فات هو التصديق؛ إذ الغير لو توهم الأمر ليوجد ما سبق من الترك والتصديق لو أمر، فهو لما سبق من التكذيب على أنه أجمع ألا يؤمر من آمن بقضاء شيء مما فات، فثبت أنهم أرادوا به التصديق، وفيه أنه اسم لذلك حتى عرفه أهله وغير أهله معرفة واحدة ".
ويمضي الماتريدي في عرض هذه القضية العقدية، ولا يقتصر على عرضه هو لها، بل يستأنس بأقوال الآخرين ويعرض آراءهم، فيقول: " وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ رُدُّوا) أي: إلى ما تمنوا أن يردوا إليه (لَعَادُوا لِمَا نُهُوا) أخبر اللَّه عن علمه بما قد أسروه في ذلك الوقت إنما كان في علمه أن يكون، وإن كان من حكمه ألا يردوا في ذلك أن الآية تضطر صاحبها، ولا قوة إلا باللَّه.
وقال قوم: إن الخلود يلزم في النار بما هم في علم اللَّه أنهم يلزمون ما هم عليه لو مكثوا للأبد.
وقال قوم: إذ لم يجز لزوم العذاب بما يعلم اللَّه من العناد من أحد لو امتحن بلا محنة ولا خلاف، فعلى ذلك أمر الخلاف، لكن الآية في خاص منهم، وهم الذين اعتدوا وعاندوا الحق بعد الوضوح، على ما ذكر في كثير من الكفرة أنهم لا يؤمنون أبدًا، ثم
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 312