responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 303
يراها هو، ولعلنا ندلل على ذلك بنموذج من تفسيره، فعند قوله تعالى: (الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ)، يقول: " سفههم - عَزَّ وَجَلَّ - بما جعلوا له من الشركاء والأضداد على إقرار منهم أنه خلق السماوات والأرض، ولم يجعلوا له شركاء في خلقهما، وعلى علم منهم أنه تعلق منافع الأرض بمنافع السماء، مع بعد ما بينهما، كيف جعلوا شركاء يشركونهم في العبادة والربوبية ".
فهنا يفسر الآية من عند نفسه، لكنه لا يهمل عرض الآراء حولها، وما دامت هذه الآراء مقبولة فإنه يعرضها على إطلاقها، فعند الآية نفسها يقول: " وقوله تعالى: (وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ) قال الحسن: الظلمات والنور: الكفر والإيمان، وقال غيره من أهل التأويل: الليل والنهار في الحقيقة ما يكشف عما استتر من الأبصار، أبصار الوجوه وأبصار القلوب، والظلم ما يستر ويغطي على الأبصار: أبصار الوجوه، وأبصار القلوب، فالظلمة تجعل كل شيء مستورًا عليه، والنور يجعل كل شيء كان مستورًا ظاهرًا باديًا عليه، هذا هو تفسير الظلمة والنور حقيقة " ولأن كلا المعنيين لا ترفضه الآية فنجد الماتريدي لا يتعرض لأي منهما بالنقد أو التحليل، بل يكتفي بعرضهما، وهو ما يدل على عدم تعصبه.
لكن الأمر إذا احتاج منه إلى إضاءة فنجده بعد عرض الآراء حول الآية يحلل ويعقب ويوجه وينقد، ففي الآية التي معنا، في عجزها والتي بعدها، يقول الماتريدي: " وقوله عز وجل: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)، قيل: يشركون مع ما بيِّن لهم ما يدل على وحدانية الرب وربوبيته، أي: جعلوا كل ما يعبدونه دون اللَّه عديلاً لله، وأثبتوا المعادلة بينه وبين اللَّه تعالى، وليس لله تعالى عديل، ولا نديد، ولا شريك، ولا ولد، ولا صاحبة، تعالى اللَّه عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
وقال الحسن: (بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) أي: يكذبون.
وقوله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ) أي: خلق آدم أبا البشر من طين، فأما خلق بني آدم من ماء، كقوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ) وأخبر اللَّه تعالى أنه خلق آدم من الطين، وخلق بني آدم سوى عيسى - عليه السلام - من النطفة، وخلق عيسى - عليه السلام - لا من الطين ولا من الماء؛ ليعلموا أنه قادر على إنشاء الخلق لا من شيء، وأنه لا اختصاص للخلق بشيء، ولا ينكرون -أيضًا- إنشاء الخلق وإحياءهم وموتهم؛ وذلك لأنه لا يخلو إما أن صاروا ترابًا أو ماء، أو لا ذا ولا ذا،

اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست