اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 278
وبيان المجمل وتخصيص العموم.
وكل لفظ احتمل معنيين فصاعدًا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الاجتهاد فيه، وعلى العلماء اعتماد الشواهد والدلائل، وليس لهم أن يعتمدوا مجرد رأيهم فيه، وعلى ما تقدم بيانه فكل لفظ احتمل معنيين، فهو قسمان:
أحدهما: أن يكون أحدهما أظهر من الآخر، فيجب الحمل على الظاهر، إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي دون الجلي فيحمل عليه.
الثاني: أن يكونا جليين والاستعمال فيهما حقيقة، وهذا على ضربين:
أحدهما: أن تختلف أصل الحقيقة فيهما فيدور اللفظ بين معنيين، هو في أحدهما حقيقة لغوية وفي الآخر حقيقة شرعية، فالشرعية أولى إلا أن تدل قرينة علم إرادة اللغوية؛ نحو قوله تعالى: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ).
وكذلك إذا دار بين اللغوية والعرفية، فالعرفية أولى لطريانها على اللغة، ولو دار بين الشرعية والعرفية، فالشرعية أولى؛ لأن الشرع ألزم.
الضرب الثاني: لا تختلف أصل الحقيقة، بل كلا المعنيين استعملا فيهما في اللغة أو في الشرع أو العرف على حد سواء، وهذا -أيضًا- على ضربين:
أحدهما: أن يتنافيا اجتماعًا، ولا يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كالقرء، حقيقة في الحيض والطهر، فعلى المجتهد أن يجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه، فإذا وصل إليه كان هو مراد اللَّه في حقه، وإن اجتهد مجتهد آخر فأدى اجتهاده إلى المعنى الآخر كان ذلك مراد اللَّه تعالى في حقه؛ لأنه نتيجة اجتهاده، وما كلف به فإن لم يترجح أحد الأمرين لتكافؤ الأمارات فقد اختلف أهل العلم، فمنهم من قال: يخير في الحمل على أيهما شاء ومنهم من قال: يأخذ بأعظمهما حكمًا ولا يبعد اطراد وجه ثالث، وهو أن يأخذ بالأخف كاختلاف جواب المفتين.
الضرب الثاني: ألا يتنافيا اجتماعًا، فيجب الحمل عليهما عند المحققين، ويكون ذلك أبلغ في الإعجاز والفصاحة وأحفظ في حق المكلف إلا أن يدل دليل على إرادة أحدهما، وهذا -أيضًا- ضربان:
أحدهما: أن تكون دلالته مقتضية لبطلان المعنى الآخر؛ فيتعين المدلول عليه للإرادة.
الثاني: ألا تقتضي بطلانه، وهذا اختلف العلماء فيه.
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 278