اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 249
وتطوره ونشره في داخل مكة وخارجها، فقد كان لسعيد بن جبير رحلة إلى الري، نشر فيها الكثير من العلم، وكذلك كان لمجاهد رحلات خارج مكة، واستقر طاوس باليمن ينشر هناك علم ابن عَبَّاسٍ وتفسيره، وأما عكرمة فقد طاف البلاد الإسلامية شرقًا وغربًا، حيث رحل إلى خراسان واليمن والعراق والشام ومصر والحرمين.
ثانيًا: المدرسة المدنية:
هذه المدرسة لم يكن لها إسهام وافر في مجال تفسير القرآن الكريم بالرأي؛ إذ التزم أصحابها السماع والرواية في تفسيرهم، ومن هنا لم تضف هذه المدرسة لونًا عقليًّا تتميز به كما أضافت مدرسة مكة التي تحدثنا عنها قبل قليل، أو مدرسة العراق التي سنتحدث عنها فيما بعد، بل بقيت ثقافتها معتمدة على الوحي: الكتاب والسنة، والإلمام بمواضع نزول الوحي وأوقاته، والإحاطة بأسباب النزول، وأحوال الذين نزل القرآن فيهم.
ولكن هذا لا ينفي ما قام به زيد بن أسلم في مجال التفسير بالرأي حتى قال عنه عبيد اللَّه بن عمر: " لا أعلم به بأسًا إلا أنه يفسر القرآن يرأيه ويكثر منه ".
وهذا الحكم لا يعد مغمزًا في زيد وثقته وعدالته، أو طعنًا في دينه وعلمه؛ فلم يوجد من العلماء من نسبه إلى أحد المذاهب المبتدعة، ويدل على توثيقه وعدالته أنه جلس إليه علماء كثيرون منهم علي بن الحسين زين العابدين، ولما سئل عن هذا قال: " إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه ".
وأستاذ هذه المدرسة ومؤسسها الأول أبي بن كعب، وعنه أخذ أعلام المدرسة المدنية من التابعين، لكن لم يكن أخذهم عنه وحده، بل أخذوا كذلك عن أبي بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب كذلك، ولكن ليس بدرجة أخذهم عن أبي بن كعب.
وقد اشتهر من أعلام هذه المدرسة في التفسير ثلاثة أو أربعة، وهم: زيد بن أسلم، وأبو العالية، وسعيد بن المسيب، ومُحَمَّد بن كعب القرظي، وسنقوم بترجمة كل واحد منهم.
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 249