اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 246
عهدت رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه لا يفعلون ذلك ".
إن عكرمة حاز منزلة عظيمة في العلم، فهو من أعلم الناس بالسير والمغازي؛ قال سفيان الثوري عن عمرو قال: كنت إذا سمعت عكرمة يحدث عن المغازي كأنه مشرف عليهم ينظر كيف يصفون ويقتتلون.
وهو من علماء زمانه بالفقه والقرآن، وشهد له الأئمة بذلك، يقول الشعبي: " ما بقي أحد أعلم بكتاب اللَّه من عكرمة ".
ومع كل هذا، فإن هناك بعض العلماء وجهوا مطاعن إلى عكرمة، فكانوا يصفونه بالجرأة على العلم ويقولون: إنه كان يدعي معرفة كل شيء في القرآن، ويزيدون على ذلك فيتهمونه بالكذب على مولاه ابن عَبَّاسٍ، وبعد هذا كله، يتهمونه بأنه كان يرى رأي الخوارج، ويزعم أن مولاه كان كذلك، وقد نقل ابن حجر في تهذيب التهذيب كل هذه التهم ونسبها لقائليها، فمن ذلك: ما رواه شعبة عن عمرو بن مرة قال: سأل رجل ابن المسيب عن آية من القرآن، فقال: لا تسألني عن القرآن، وسل من يزعم أنه لا يخفى عليه منه شيء يعني عكرمة وحكى إبراهيم بن ميسرة أن طاوسا قال: لو أن مولى ابن عَبَّاسٍ اتقى اللَّه وكف من حديثه لشدت إليه المطايا.
وروى أبو خلف الجزار عن يحيى البكاء قال: سمعت ابن عمر يقول لنافع: اتق اللَّه، ويحك يا نافع، ولا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عَبَّاسٍ.
وروي أن سعيد بن المسيب قال مثل ذلك لمولاه.
وروى ابن سعد: أن على بن عبد اللَّه كان يوثقه على باب الكنيف ويقول: إن هذا يكذب على أبي.
ثم بعد ذلك كله يصورون للناس مبلغ كراهة معاصريه له فيقولون:
إنه مات هو وكثير عزة في يوم واحد، فلم يشهد جنازته أحد، أما كثير فقد شيعه خلق كثير.
وهذه التهم فيها كثير من المبالغة، حتى إن عكرمة نفسه كانت تصله فيتألم، فقد روى حماد بن زيد عن أيوب أنه قال: قال عكرمة: رأيت هَؤُلَاءِ الذين يكذبونني، يكذبونني من خلفي، أفلا يكذبونني في وجهي؟ فإذا كذبوني في وجهي فقد واللَّه كذبوني. ثم نراه
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 246