اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 185
مُعَرِّضًا: " قد نبغ في زماننا مفسرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه ".
وقد فرق العلماء بين اللفظين بفروق شتى، نورد أبرزها -خشية الإطالة- فمثلاً الراغب الأصفهاني يقول: " التفسير أعم من التأويل، وأكثر ما يستعمل التفسير في الألفاظ، والتأويل في المعاني ".
وأبو طالب الثعلبي يفرق فيقول: " التفسير: بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازًا، كتفسير " الصراط " بالطريق، و " الصيب " بالمطر. والتأويل: تفسير باطن اللفظ، مأخوذ من الأول، وهو الرجوع لعاقبة الأمر، فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد، والتفسير إخبار عن دليل المراد ".
والماتريدي صاحبنا يقول: " التفسير: القطع على أن المراد من اللفظ هذا، والشهادة على اللَّه أنه عنى باللفظ هذا، فإن قام دليل مقطوع به فصحيح، وإلا فتفسير بالرأي، وهو المنهي عنه، والتأويل: ترجيح أحد المحتملات بدون قطع، والشهادة على اللَّه ".
والأقوال كثيرة في التفريق بين التفسير والتأويل، بعضها يصل بمفهوم المصطلحين إلى حد التباين، ولعل أولاها بالقبول ما ذكره جملة من العلماء من أن التفسير يرجع إلى الرواية، والتأويل يرجع إلى الدراية والاستنباط؛ لأن التفسير كشف وبيان عن مراد اللَّه، والكشف عن مراد اللَّه لا نجزم به إلا إذا ورد عن رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي، وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم. أما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل، وهذا الترجيح يعتمد على الاجتهاد.
ومن ثم قال الزركشي -فيما أشرنا إليه من قبل-: " وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التفرقة بين التفسير والتأويل، التمييز بين المنقول والمستنبط؛ ليحمل على الاعتماد
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 185