اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 136
فيتناهى، ولا يجوز عليه الفناء، ولا يلحقه العجز والنقص، تقدس عن ملامسة النساء وعن اتخاذ الصاحبة والأبناء ".
ونستطيع أن نزعم أن طريقة المعتزلة في فهم التوحيد تتكئ عندهم على بعض آيات القرآن الكريم التي اصطبغت بصبغة التنزيه؛ كقوله تعالى: (ليَس كَمِثلِهِ شَيءٌ)، وقوله: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4).
ومهما يكن الدافع الذي سلك بالمعتزلة هذا الطريق في النظر إلى التوحيد، فإن هذا الأصل عندهم ترتب عليه نتائج أخرى تكشف عن رأيهم في بعض مسائل الاعتقاد.
رأي المعتزلة في الصفات:
الصفات عند المعتزلة قسمان: صفات سلبية تسلب عن اللَّه ما لا يليق به، وصفات ثبوتية أو إيجابية.
ولم يجد المعتزلة في إثبات الصفات السلبية لله سبحانه ما يتعارض مع مفهومهم عن التوحيد، أو يمس فكرة التنزيه كما يفهمونها من القرآن الكريم.
من هذه الصفات: القدم، وتنفي هذه الصفة عن اللَّه الحدوث، والوحدانية وتنفي عن اللَّه التعدد، ومخالفة الحوادث.
" أما الصفات الثبوتية أو الإيجابية التي تتعلق بإثبات معنى زائدٍ على الذات -ومن هذه الصفات: العلم والقدرة والإرادة والحياة- فقد نفى المعتزلة اتصاف اللَّه بها أو أكثرها؛ لأن إثباتها يتعارض مع فهمهم للتوحيد ".
فقد رأى المعتزلة أن إثبات هذه الصفات لله يجعلها مشاركة له في القدم، ويعني هذا تعدد القدماء مع ما فيه من معارضة لفكرة التوحيد، كما يؤدي إثباتها إلى الوقوع في التعدد الذي وقع فيه النصارى الذين قالوا بوجود ثلاثة أقانيم في الذات الإلهية، الآب والابن والروح القدس. ولا يخفى أن منهج المعتزلة في النظر إلى صفات اللَّه يتعارض مع القرآن الكريم الذي أثبت هذه الصفات لله، وكذا فهمها الصحابة ولم يجادلوا فيها.
وثمة صفات أخرى تصف اللَّه بما يوهم مشابهته للإنسان: كوصف اللَّه بأن له وجهًا أو عينًا أو يدًا، ووصفه بالاستواء على العرش والنزول إلى السماء وغير ذلك.
وقد وجد المعتزلة أن الإيمان بهذه الصفات دون تأويل يقود إلى التجسيم الذي
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور الجزء : 1 صفحة : 136