responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 113
أورثت الجماعة الإسلامية شيئًا غير قليل من الفرقة والاختلاف، ومزقتهم شيعًا وأحزابًا متصارعة.
ولم يكن لدى أعضاء هذا الحزب في مبدأ ظهوره تصور محدد أو فكرة واضحة عن نظرية الإمامة، غاية الأمر أن ثمة من المسلمين من رأى أن عليًّا أحق بالخلافة من سائر أصحابه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وأنه أولى قرابته بها، فيذكر ابن أبي الحديد شارح نهج البلاغة أن من الصحابة من فضلوا عليًّا، وذهبوا إلى القول بأن الخلافة حق له، منهم: عمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وجابر بن عبد اللَّه، وأبي بن كعب، وحذيفة، وأبو أيوب الأنصاري، وسهل بن حنيف، وعثمان بن حنيف، وأبو الهيثم بن التيهان، والعباس بن عبد المطلب وبنوه، وبنو هاشم كافة.
تلك هي الفكرة المبدئية التي قام على أساسها مذهب الشيعة، ثم تطورت هذه الفكرة نتيجة عوامل متباينة إلى نظرية لها أصول محددة وقواعد مجمع عليها من جانب الشيعة.
وأول هذه العوامل: الشعور العاطفي الذي خامر نفوس أكثر المسلمين بسبب الاضطهاد الذي وقع على آل بيت النبي عامة، وآل عليٍّ خاصة، والأحداث المحزنة التي تعاقبت على عليٍّ وآله، ونستطيع أن نلتمس هذه الأحداث في " مصرع عليٍّ على يد الخوارج، ثم في التِياثِ [1] الأمر على ابنه الحسن، وتخاذل الناس عن نصرته حتى اضطر إلى التسليم، ثم في موته في ظروف مريبة غامضة يرى شيعته أنها من تدبير أعدائه، فبموته ضاع الأمل الذي كان باقيًا في أن حقه ربما كان سيعود إليه بعد وفاة معاوية. ثم في قسوة زياد -الذي ألحقه معاوية بنسبه- على رجال الشيعة واضطهاده لهم، وإرساله حجر بن عدي -من زعمائهم ومن أشراف العرب ومن خير الناس تقوى وعبادة، وأبطال فتح نهاوند- إلى الشام ليقتل؛ وذلك لاتهامه بأنه كان يعمل لإحداث ثورة في الكوفة، ثم في تقرير معاوية العهد لابنه يزيد، فأغلق الباب نهائيَّا على أي أمل في عودة أبناء علي إلى الخلافة.
وأخيرًا وهذه هي الطامة الكبرى والفاجعة التي حفرت في قلوب الشيعة وقلوب المسلمين آثارًا عميقة من الحزن واللوعة، لا يمكن أن يمحوها الزمن: ألا وهي مقتل الحسين. كل هذه الأحداث أو المآسي المتتابعة هي التي كونت فرقة الشيعة ودفعتهم إلى إنتاج آرائهم، وأعطتهم هذه القوة التي جعلت منهم أكبر هيئة في المعترك السياسي الدِّيني،

[1] الِالْتِيَاثُ: الاختِلاط وَالِالْتِفَافُ؛ يُقَالُ: الْتاثَتِ الخطُوب، والتاثَ برأْس الْقَلَمِ شعَرة، وإِنَّ الْمَجْلِسَ لِيَجْمَعُ لَوِيثَةً مِنَ النَّاسِ أَي أَخلاطاً لَيْسُوا مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَنَاقَةٌ ذاتُ لَوْثٍ أَي لَحْمٍ وسِمَنٍ قَدْ لِيثَ بِهَا. وَالْمُلَاثُ والمِلْوَث: السَّيِّدُ الشَّرِيفُ لأَنَّ الأَمر يُلاثُ بِهِ ويُعْصَب أَي تُقْرَنُ بِهِ الأُمور وتُعْقَدُ، وَجَمْعُهُ مَلاوِث. اهـ (لسان العرب. 2/ 187).
اسم الکتاب : تفسير الماتريدي = تأويلات أهل السنة المؤلف : المَاتُرِيدي، أبو منصور    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست