اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 509
وأصل البروج الظهور , ومنه تبرج المرأة إذا أظهرت نفسها. وفي المُشّيَّدَةِ ثلاثة أقاويل: أحدها: المجصصة , والشيد الجص , وهذا قول بعض البصريين. والثاني: أن المُشّيَّدَ المطول في الارتفاع , يقال شاد الرجل بناءه وأشاده إذا رفعه , ومنه أَشدت بذِكِرْ الرجل إذا رَفَعْتَ منه , وهذا قول الزجاج. والثالث: أن المُشّيَّد , بالتشديد: المُطَّول , وبالتخفيف: المجصَّص. قوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ} في القائلين ذلك قولان: أحدهما: أنهم المنافقون , وهو قول الحسن. والثاني: اليهود , وهو قول الزجاج. وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة تأويلات: أحدها: البؤس والرخاء. والثاني: الخصب والجدب , وهو قول ابن عباس , وقتادة. والثالث: النصر والهزيمة , وهو قول الحسن , وابن زيد. وفي قوله: {مِنْ عِندِكَ} تأويلان: أحدهما: أي بسوء تدبيرك , وهو قول ابن زيد. والثاني: يعنون بالشؤم الذي لحقنا منك على جهة التطُّير به , وهذا قول الزجاج , ومثله قوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف: 131]. قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك} اختلف في المراد بهذا الخطاب على ثلاثة أقاويل. أحدها: أن الخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو المراد به. والثاني: أنه متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره , وهو قول الزجاج. والثالث: أنه متوجه إلى الإنسان , وتقديره: ما أصابك أيها الإنسان من حسنة فمن الله , وهذا قول قتادة. وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أن الحسنة النعمة في الدين والدنيا , والسيئة المصيبة في الدين والدنيا , وهذا قول بعض البصريين. والثاني: أن الحسنة ما أصابه يوم بدر , والسيئة ما أصابه يوم أحد من شج رأسه وكسر رباعيته , وهو قول ابن عباس , والحسن. والثالث: أن الحسنة الطاعة , والسيئة المعصية , وهذا قول أبي العالية. قوله تعالى: {فَمِن نَّفْسِكَ} قولان: أحدهما: يعني فبذنبك. والثاني: فبفعلك.
{من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول والله يكتب ما يبيتون فأعرض عنهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا} قوله تعالى: {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} وإنما كانت طاعة لله لأنها موافقة لأمر الله تعالى. {وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} فيه تأويلان: أحدهما: يعني حافظاً لهم من المعاصي حتى لا تقع منهم. والثاني: حافظاً لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها فتخاف ألاّ تقوم بها , فإن الله تعالى هو المجازي عليها. {وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} يعني المنافقين , أي أمرنا طاعة. {فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} والتبييت كل عمل دُبِّر ليلاً , قال عبيد بن همام:
(أتوني فلم أرض ما بيّتوا ... وكانواْ أتوْني بأمرٍ نُكُر)
(لأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ منذراً ... وهل يُنْكِحُ الْعَبْدُ حُرٌّ لحُرْ؟)
اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 509