اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 261
واختلفوا في تسمية المكان عرفة على أربعة أقاويل: أحدها: أن آدم عرف فيه حواء بعد أن أُهْبِطَا من الجنة. والثاني: أن إبراهيم عرف المكان عند الرؤية , لما تقدم له في الصفة. والثالث: أن جبريل عرَّف فيه الأنبياء مناسكهم. والرابع: أنه سُمِّيَ بذلك لعلو الناس فيه , والعرب تسمي ما علا (عرفة) و (عرفات) , ومنه سُمِّيَ عُرف الديك لعلوه. {فَاذْكُرُواْ اللهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} والمَشْعَرُ المَعْلَمُ , سُمِّيَ بذلك , لأن الدعاء عنده , والمقام فيه من معالم الحج , وحد المشعر ما بين منى ومزدلفة مِنْ حَد مفضي مَأزمَي عرفة إلى محسر , وليس مأزماً عرفة من المشعر.
{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم} قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} فيه قولان: أحدهما: أنها نزلت في قريش , وكانوا يسمون الحمس , لا يخرجون من الحرم في حجهم , ويقفون مزدلفة , ويقولون نحن من أهل الله , فلا نخرج من حرم الله , وكان سائر العرب يقفون بعرفات , وهي موقف إبراهيم عليه السلام , فأنزل الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} يعني جميع العرب , وهذا قول عائشة , وعروة , ومجاهد , وقتادة. والقول الثاني: أنها أمر لجميع الخلق من قريش وغيرهم , أن يفيضوا من حيث أفاض الناس , يعني بالناس إبراهيم , وقد يعبر عن الواحد باسم الناس , قال الله تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) [آل عمران: 173] وكان القائل واحداً , وهو نعيم بن مسعود الأشجعي , وهذا قول الضحاك. وفي قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} تأويلان: أحدهما: استغفروه من ذنوبكم. والثاني: استغفروه مما كان من مخالفتكم في الوقت والإفاضة.
اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 261