اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 209
{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} قوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم} يعني أهل مكة , لما تقدم من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلها عليهم سنين كسني يوسفَ حين قحطوا سبع سنين , فقال الله تعالى مجيباً لدعاء نبيه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالجُوعِ} الخوف يعني الفزع في القتال , والجوع يعني المجاعة بالجدب. {وَنَقْصٍ مِّنَ الأمَوَالِ} يحتمل وجهين:
أحدهما: الثبات على أوامر الله تعالى. والثاني: الصيام المقصود به وجه الله تعالى. وأما الاستعانة بالصلاة فتحتمل وجهين: أحدهما: الاستعانة بثوابها. والثاني: الاستعانة بما يُتلى في الصلاة ليعرف به فضل الطاعة فيكون عوناً على امتثال الأوامر. قوله تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ في سَبِيلِ اللهِ أَمْوَتٌ بَلْ أَحْيَآءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ} وسبب ذلك أنهم كانوا يقولون لقتلى بدر وأُحُد: مات فلان , ومات فلان , فنزلت الآية وفيها تأويلان: أحدهما: أنهم ليسوا أمواتاً وإن كانت أجسامهم أجسام الموتى بل هم عند الله أحياء النفوس منعّمو الأجسام. والثاني: أنهم ليسوا بالضلال أمواتاً بل هم بالطاعة والهدى أحياء , كما قال تعالى: {أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ في النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ في الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122] فجعل الضالَّ ميتاً , والمُهْتَدي حياً. ويحتمل تأويلاً ثالثاً: أنهم ليسوا أمواتاً بانقطاع الذكر عند الله وثبوت الأجر.
اسم الکتاب : تفسير الماوردي = النكت والعيون المؤلف : الماوردي الجزء : 1 صفحة : 209