اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 619
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179)
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مّنَ الجن والإنس} هم الكفار من الفريقين المعرضون عن تدبر آيات الله والله تعالى علم منهم اختيار الكفر فشاء منهم الكفر وخلق فيهم ذلك وجعل مصيرهم تجهنم لذلك ولا تنافي بين هذا وبين قوله وماخلقت الجن والإنس إلا ليغبدون لأنه إنما خلق منهم للعبادة من علم أنه بعديه وانا من علم أنه يكفر به فإنما خلقه لما علم أنه يكون منه فالحاصل أن من علم منه في الأزل أنه يكون منه العبادة خلقه للعبادة ومن علم منه أن يكون منه الكفر خلقه لذلك وكم من عامٍ يراد به الخصوص وقول المعتزلة بأن هذه لام العاقبة أي لما كان عاقبتهم جهنم جعل كأنهم خلقوا لها فراراً عن إرادة المعاصي عدول عن الظاهر {لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا} الحق ولا يتفكرون فيه {ولهم أعين لا يبصرون بها} الرشدة {ولهم
سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)
{ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا} أى مثل القوم فحذف المضاف وفاعل سَاء مضمر أي ساء المثل مثلاً وانتصاب مَثَلاً على التمييز {وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ} معطوف على كَذَّبُواْ فيدخل في حيز الصلة أي الذين جمعوا بين التكذيب بآيات الله وظلم أنفسهم أو منقطع عن الصلة أي وما ظلموا إلا انفسهم بالتكذيب وتقديم المفعول به للاختصاص تة زحصزت أنفسهم بالظلم لم يتعد إلى غيرها
مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (178)
{مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتدى} حمل على اللفظ {ومن يضلل} أي ومن يضله {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} حمل على المعنى ولو كان الهدي من الله البيان كما قالت المعتزلة لاستوى الكافر والمؤمن إذ البيان ثابت في حق الفريقين فدل أنه من الله تعالى التوفيق والعصمة والمعونة ولو كان ذلك للكافر لاهتدى كما اهتدى المؤمن
اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 619