اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 492
وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (8)
{وَقَالُواْ لَوْلآ} هلا {أُنزِلَ عَلَيْهِ} على النبي صلى الله عليه وسلم {مَلَكٌ} يكلمنا أنه نبي فقال الله {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأمر} لقضي أمر هلاكهم {ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ} لا يمهلون بعد نزوله طرفة عين لأنهم إذا شاهدوا ملكاً في صورته زهقت أرواحهم من هول ما يشاهدون ومعنى ثم بعد ما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الإنظار جعل عدم الإنظار أشد من قضاء الأمر لأن مفاجأه الشدة أشد من نفس الشدة
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ (9)
{وَلَوْ جعلناه مَلَكاً} ولو جعلنا الرسول ملكاً كما اقترحوا لأنهم كانوا يقولون تارة لولا أنزل على محمد ملك وتارة يقولون ما هذا إلا بشر مثلكم ولو شاء ربنا لأنزل ملائكة {لجعلناه رَجُلاً} لأرسلناه في صورة رجل كما كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أعم الأحوال في صورة دحية لأنهم لا يبقون مع رؤية الملائكة في صورهم {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ} ولخلطنا وأشكلنا عليهم من أمره إذا كان سبيله كسبيلك يا محمد فإنهم يقولون إذا رأوا الملك في صورة الإنسان هذا إنسان وليس بملك يقال لبست الأمر على القوم وألبسته إذا أشبهته وأشكلته عليهم
وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (10)
ثم سلى نبيه على ما أصابه من استهزاء قومه بقوله {ولقد استهزئ بِرُسُلٍ مّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بالذين سَخِرُواْ مِنْهُمْ ما كانوا به يستهزؤون} فاحاط بهم الشئ الذى كانوا يستهزءون به وهو الحق حيث أهلكوا من أجل استهزائهم ومنهم متعلق بسخروا كقوله فيسخرون منهم والضمير للرسل والدال
الأنعام (11 _ 14)
مكسورة عند أبى عمرو وعاصم لالتقاء الساكنين وضمها غيرهما إتباعاً لضم التاء