اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 253
فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (39)
{فنادته الملائكة} قيل ناداه جبريل عليه السلام وإنما قيل الملائكة لأن المعنى أتاه النداء من هذا الجنس كقولهم فلان يركب الخيل فناديه بالياء والإمالة حمزة وعلي {وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلّي فِي المحراب} وفيه دليل على أن المرادات تطلب بالصلوات وفيها إجابة الدعوات وقضاء الحاجات وقال ابن عطاء ما فتح الله تعالى على عبد حالة سنية إلا باتباع الأوامر وإخلاص الطاعات ولزوم المحاريب {إِنَّ الله} بكسر الألف شامى وحمزة على إضمار القول أو لأن النداء قول الباقون بالفتح أي بأن الله {يُبَشّرُكَ} يبشرك وما بعده حمزة وعلي من بشره والتخفيف والتشديد لغتان {بيحيى} هو غير منصرف إن كان عجمياً وهو الظاهر فللتعريف والعجمة كموسى وعيسى وإن كان عربيا فللتعريف ووزن الفعل كيعمر {مُصَدِّقاً} حال منه {بِكَلِمَةٍ مّنَ الله} أي مصدقاً بعيسى مؤمناً به فهو أول من آمن به وسمى عيسى كلمة
آل عمران (39 _ 43)
الله لأن تكونه بكن بلا أب أو مصدقاً بكلمة من الله مؤمناً بكتاب منه {وَسَيّدًا} هو الذي يسود قومه أي يفوقهم في الشرف وكان يحيى فائقا على قومه لانه لم يركب شيئة قط وبالها من سيادة وقال الجنيد هو الذي جاد بالكونين عوضاً عن المكون {وَحَصُورًا} هو الذي لا يقرب النساء مع القدرة حصراً لنفسه أي منعاً لها من الشهوات {وَنَبِيّاً مِّنَ الصالحين} ناشئاً من الصالحين لأنه كان من أصلاب
مريم في كرامتها على الله ومنزلتها رغب أن يكون له من إيشاع ولد مثل ولد أمها حنة في الكرامة على الله وإن كانت عاقراً عجوزاً فقد كانت أمها كذلك وقيل لما رأى الفاكهة في غير وقتها انتبه على جواز ولادة العاقر {دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرّيَّةً} ولداً والذرية يقع على الواحد والجمع {طَيِّبَةً} مباركة والتأنيث للفظ الذرية {إِنَّكَ سَمِيعُ الدعاء} مجيبه
اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 253