اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 218
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)
ثم أكد ذلك بقوله {يا أيها الذين آمنوا لاَ تُبْطِلُواْ صدقاتكم بالمن والأذى كالذى} الكاف نصب صفة مصدر محذوف والتقدير بطلا مثل إبطال الذي {يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء الناس وَلاَ يُؤْمِنُ بالله واليوم الأخر} أي لا تبطلوا ثواب صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يريد بإنفاقه رضا الله ولا ثواب الآخرة ورئاء مفعول له {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ} مثّله ونفقته التي لا ينتفع بها البتة بحجر أملس عليه تراب {فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} مطر عظيم القطر {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} أجرد نقياً من التراب الذي كان عليه {لاَّ يَقْدِرُونَ على شَىْء مّمَّا كَسَبُواْ} لا يجدون ثواب شيء مما أنفقوا أو الكاف في محل النصب على الحال
البقرة (264 _ 266)
أى لا تبطلوا صدقاتكم مماثلين الذي ينفق وإنما قال لا يقدرون بعد قوله كالذي ينفق لأنه أراد بالذي ينفق الجنس أو الفريق الذي ينفق {والله لا يهدي القوم الكافرين} ماداموا مختارين الكفر
وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265)
{وَمَثَلُ الذين يُنفِقُونَ أموالهم ابتغاء مَرْضَاتِ الله وَتَثْبِيتًا مّنْ أَنفُسِهِمْ} أي وتصديقاً للإسلام وتحقيقاً للجزاء من أصل أنفسهم لأنه إذا أنفق المسلم ماله في سبيل الله علم أن تصديقه وإيمانه بالثواب من أصل نفسه ومن اخلاص قلبه ومن لابتداء الغاية وهو معطوف على المفعول له أي للإبتغاء والتثبيت والمعنى ومثل نفقة هؤلاء في زكاتها عند الله {كَمَثَلِ جَنَّةٍ} بستان {بِرَبْوَةٍ} مكان مرتفع وخصها لأن الشجر فيها أزكى وأحسن ثمراً بربوة عاصم وشامي {أَصَابَهَا وابل فآتت أُكُلُهَا}
اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 218