اسم الکتاب : تفسير النسفي = مدارك التنزيل وحقائق التأويل المؤلف : النسفي، أبو البركات الجزء : 1 صفحة : 102
وإنما لم يقل أقسى لكونه أبين وأدل على فرط القسوة وترك ضمير المفضل عليه لعدم الإلباس كقولك زيد كريم وعمرو أكرم {وَإِنَّ مِنَ الحجارة} بيان لزيادة قسوة قلوبهم على الحجارة {لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار} ما بمعنى الذي في موضع النصب وهو اسم إن واللام للتوكيد والتفجر التفتح بالسعة والكثرة {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ} أصله يتشقق وبه قرأ الأعمش فقلبت التاء شيئا وأدغمت {فَيَخْرُجُ مِنْهُ الماء} يعني أن من الحجارة ما فيه خروق واسعة يتدفق منها الماء الكثير ومنها ما ينشقى انشقاقاً بالطول أو بالعرض فينبع منه الماء أيضاً وقلوبهم لا تندى {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ} يتردى من أعلى الجبل {مّنْ خَشْيَةِ الله} قيل هو مجاز عن انقيادها لأمر الله وأنها لا تمتنع على ما يريد فيها وقلوب هؤلاء لا تنقاد ولا تفعل ما أمرت به وقيل المراد به حقيقة الخشية على معنى أنه يخلق فيها الحياة والتمييز وليس شرط خلق الحياة والتمييز في الجسم أن يكون على بنية مخصوصة عند أهل السنة وعلى هذا قوله لَوْ أَنزَلْنَا هذا القرآن على جبل الآية يعنى وقلوبهم
البقرة (73 _ 78)
لا تخشى {وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ} وبالياء مكي وهو وعيد
أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75)
{أَفَتَطْمَعُونَ} الخطاب لرسول الله والمؤمنين {أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ} أن يؤمنوا لأجل دعوتكم ويستجيبوا لكم كقوله تعالى فآمن له لوط يعني اليهود {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ} طائفة فيمن سلف منهم {يَسْمَعُونَ كلام الله} أي التوراة {ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ} كما حرفوا صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآية الرجم {مِن بَعْدِِ مَا عَقَلُوهُ} من بعد ما فهموه وضبطوه بعقولهم {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أنهم كاذبون مفترون والمعنى إن كفر هؤلاء وحرفوا فلهم سابقة في ذلك