responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي    الجزء : 6  صفحة : 507
في الظرف إذا قلت مثلا ابتداء وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى [الليل: 1] لقيامه مقام قولك «أقسم بالليل إذا يغشى» فكذا حرف العطف النائب منابه نظيره قولك «ضرب زيد عمرا وبكر خالدا» فترفع بالواو وتنصب لقيامه مقام ضرب. قال بعض المتكلمين: المضاف في هذه الأقسام محذوف تقديره ورب الشمس إلى آخرها. وزيف بلزوم التكرار في قوله وَما بَناها وما بعده. وأجيب بأن «ما» في وَما بَناها وما بعده مصدرية. واعترض عليه في الكشاف بأنه يلزم من عطف قوله فَأَلْهَمَها على قوله وَما سَوَّاها فساد النظم فالوجه أن تكون «ما» موصولة. وإنما أوثرت على «من» لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل: والسماء والقادر العظيم الذي بناها، ونفس والحكيم الذي سوّاها، على أنه قد جاء «ما» مستعملا في «من» كقولهم «سبحان ما سخر كن لنا» . أما الذين لم يقدروا المضاف فأورد عليهم أنه يلزم تأخير القسم برب السماء وبانيها عن القسم بالسماء. والجواب أن الله عز قائلا أراد أن نتدرج من المحسوسات إلى المعقولات ومن المصنوعات إلى الصانع، ولا يخفى أن المحسوسات أظهرها هو الشمس فذكرها سبحانه مع أوصافها الأربعة الدالة على عظمتها.
فأول أعظم الأوصاف الضوء الحاصل منها عند ارتفاع النهار، وثانيها تلو القمر لها غاية في منتصف الشهر أو تلوه لها في أخذ الضوء عنها أو في غروبه ليلة الهلال بعدها قاله قتادة والكلبي. وقيل: في كبر الجرم بحسب الحس وفي ارتباط مصالح هذا العالم بحركته.
والثالث والرابع بروزها لمجيء النهار واختفاؤها لمجيء الليل. ثم ذكر ذاته المقدسة وعقبه بأنواع تدابيره في السماء والأرض وفي البسائط وما يتركب منها وأشرفها النفس. ولنشتغل بتفسير بعض الألفاظ. قال الليث: الضحو ارتفاع النهار والضحى فوق ذلك. والضحاء بالمد إذا امتد النهار وقرب أن ينتصف. وتلاها تبعها بإحدى المعاني المذكورة، والتجلية الكشف والعيان. والضمير في جَلَّاها للشمس في الظاهر على ما قال الزجاج وغيره، لأن النهار كلما كان أصدق نورا كانت الشمس أجلى ظهورا فإن الكشف والعيان يدل على قوة المؤثر وكماله لا قوة الأثر وكماله، فكان النهار يبرز الشمس ويظهرها. وذهب جم غفير إلى أن الضمير يعود إلى الظلمة أو الدنيا أو الأرض بدلالة قرائن الأحوال وسياق الكلام، ولعل الوجه الأول أولى لأن عود الضمير إلى المذكور أقرب منه إلى المقدر، ولأنه يلزم تفريق الضمائر فإن الضمير في يَغْشاها للشمس بالاتفاق وكذا في ضُحاها وتَلاها ولأن غشيان الليل الشمس عبارة عن ذهاب الضوء وحصول الظلمة بسبب غيبة الشمس في الأفق، فكذا تجلية النهار إياها يجب أن تكون إشارة إلى كمال الضوء وظهوره للحس بواسطة ظهور الشمس فوق الأفق. والحاصل أن الذهن كما ينتقل من عدم الأثر إلى عدم

اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي    الجزء : 6  صفحة : 507
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست