اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 341
ومطاوعة الأعصاب وسلامة الفقر. ثم خوفهم بنوع آخر قائلا فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم كأنه قال: حسبي مجازيا لمن يكذب بالقرآن فلا تشغل قلبك بشأنه. وقوله سَنَسْتَدْرِجُهُمْ إلى قوله مَتِينٌ قد مر في آخر «الأعراف» . وقوله أَمْ تَسْأَلُهُمْ إلى يَكْتُبُونَ قد مر في «الطور» . ثم أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر ونهاه عن الضجر في أمر التبليغ كحال يونس عليه السلام وقد تقدم مرارا. قال بعض العلماء: معنى قوله كَصاحِبِ الْحُوتِ أنه كان في ذلك الوقت مكظوما أي مملوءا من الغيظ فكأنه قيل: لا تكن مكظوما أولا يوجد منك ما وجد منه من الضجر والمغاضبة. وقال جمع من المفسرين: أن الآية نزلت بأحد حين حل بالمؤمنين ما حل فأراد أن يدعو على من انهزم. وقيل: نزلت حين أراد أن يدعو على ثقيف والنعمة التي تداركت يونس أي التحقت به وسدت خلته هي النبوة أو عبادته السابقة، أو قوله في بطن الحوت «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» ، وهذه النعمة التوبة بالحقيقة. وقد اعتمد في جواب لولا على الحال أعني قوله وَهُوَ مَذْمُومٌ والمعنى أن حاله كانت على خلاف الصبر حين نبذ بالعراء أي الفضاء كما مر في «الصافات» . ولولا تسبيحه لكانت حاله على الذم. وقيل: أراد لولا هذه النعمة لبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة، ثم نبذ بعراء القيامة أي بعرصتها مذموما فَاجْتَباهُ رَبُّهُ بقبول التوبة فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ أي من الأنبياء عن ابن عباس: رد الله إليه الوحي وشفعه في نفسه وقومه. ثم أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم عن حسد قومه وحرصهم على إيقاع المكروه به بعد أن صبره وشجعه فقال وَإِنْ يَكادُ هي مخففة من الثقيلة واللام دليل عليها. زلقه وأزلقه بمعنى.
يقال زلق الرأس وأزلقه أي حلقه. قال جار الله: يعني أنهم من شدة تخوفهم ونظرهم إليك سرا بعيون العداوة والبغضاء يكادون يزلون قدمك أو يهلكونك من قولهم «نظر إليّ نظرا يكاد يصرعني أو يكاد يأكلني» أي لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله. ثم بين بقوله لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ أن هذا النظر كان يشتد منهم في حال قراءة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن حسدا على ما أوتي من النبوة. وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ حيرة في أمره وتنفيرا عنه مع علمهم بأنه أعقلهم.
ثم قال تعالى وَما هُوَ أي القرآن إِلَّا ذِكْرٌ وموعظة لِلْعالَمِينَ وفيه استجهال أن يجنن من جاء بمثله من الآداب والحكم وأصول كل العلوم والمعارف. واعلم أن للعقلاء خلافا في أن الإصابة بالعين هل لها في الجملة حقيقة أم لا؟ وبتقدير كونها حقيقة فهل الآية مفسرة بها أم لا؟ أما المقام الأول فقد شرحناه في أول «البقرة» في قوله وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ [الآية: 102] وفى يوسف في قوله يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ [الآية:
67] والذي نقوله هاهنا: فمنهم من أنكر ذلك بناء على أن تأثير الجسم في الجسم لا يعقل
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 341