اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 259
وفي الآية تخصيص آخر وهو أنه لم يذكر أحوال أهل السموات وفيه سر قال أهل البرهان:
فصل في هذه السورة وأجمل في «التغابن» فقال ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [الحديد: 22] والتفصيل بهذه السورة أليق لأنه فصل أحوال الدنيا والآخرة بقوله اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إلى آخره قوله مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها من قبل أن نخلق المصائب والأنفس أو الأرض أو المخلوقات إِنَّ ذلِكَ الإثبات أو الحفظ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وإن كان عسيرا على غيره. ثم بين وجه الحكمة في ذلك الإثبات قائلا لِكَيْلا تَأْسَوْا أي لكيلا تحزنوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ نظيره ما
ورد في الخبر: من عرف سر الله في القدر هانت عليه المصائب لأنه لما علم وجوب وقوعه من حيث تعلق علم الله وحكمه وقدرته به عرف أن الفائت لا يرده الجزع والمعطى لا يكاد يثبت ويدوم لأنه عرضة للزوال ونهزة للانتقال فلا يشتد به فرحه.
روى عكرمة عن ابن عباس: ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا للمصيبة صبرا وللخير شكرا أو المراد أنه لم ينف الأسى والفرح على الإطلاق ولكنه نفى ما بلغ الجزع والبطر ولا لوم على ما يخلو منه البشر. والباقي ظاهر وقد مر في النساء. والمقصود أن البخيل يفرح فرحا مطغيا لحبه المال ليفتخر به ويتكبر على الناس ويحمل غيره على إمساك المال لمقتضى شحه الطبيعي وَمَنْ يَتَوَلَّ عن أوامر الله ونواهيه ولا يعرف حق الله فما أعطاه فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ عن طاعة المطيعين الْحَمِيدُ في ذاته وإن لم يحمده الحامدون. وقيل: إن الآية نزلت في اليهود الذين كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وبخلوا ببيان نعته.
ثم أراد أن يبين الغرض من بعثة الرسل المؤيدين بالمعجزات ومن إنزال الكتاب والميزان معهم.
يروى أن جبرائيل نزل بالميزان فدفعه إلى نوح فقال: مر قومك يزنوا به.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض.
أنزل الحديد والنار والماء والملح. وعن الحسن: إنزالها تهيئتها كقوله وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الزمر: 6] وقال قطرب: هو من النزل يقال: أنزل الأمير على فلان نزلا حسنا منهم من قال: هو من باب «علفتها تبنا وماء باردا» . وللعلماء في المناسبة بين الكتاب والميزان والحديد وجوه. أحدها أن مدار التكليف على فعل ما ينبغي وترك ما لا ينبغي.
والثاني لا يتم إلا بالحديد الذي فيه بأس شديد والأول إما أن يكون من باب الاعتقادات ولن يتم إلا بالكتاب السماوي ولا سيما إذا كان معجزا. وإما أن يكون من باب المعاملات ولا ينتظم إلا بالميزان فأشرف الأقسام ما يتعلق بالقوة النظرية الروحانية، ثم ما يتعلق بالعملية الجسمانية، ثم ما يتعلق بالزواجر وقد روعي في الآية هذا النسق. وثانيها
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 259