اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 153
ثم أكد الشهادة وأرغم أنف قريش الذين لمن يرضوا بهذا التعريف في كتاب العهد فقال مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فهو مبتدأ وخبر. وجوز أهل الإعراب أن يكون المبتدأ محذوفا لتقدم ذكره في قوله أَرْسَلَ رَسُولَهُ أي هو محمد فيكون رَسُولُ اللَّهِ صفة أو عطف بيان، وجوزوا أن يكون مُحَمَّدٌ مبتدأ ورَسُولُ اللَّهِ صفته أو بيانا. وقوله وَالَّذِينَ مَعَهُ وهم الصحابة عطفا على مُحَمَّدٌ وخبر الجميع أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ جمع شديد كما قال وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ [التحريم: 9] أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ [المائدة: 54] عن الحسن: بلغ من تشدّدهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم فكيف بأبدانهم، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صحافه وعانقه.
والمصافحة جائزة بالاتفاق، وأما المعانقة والتقبيل فقد كرههما أبو حنيفة رضي الله عنه وإن كان التقبيل على اليد. ومن حق المؤمنين أن يراعوا هذه السنة أبدا فيتشدّدوا على مخالفيهم ويرحموا أهل دينهم تَراهُمْ يا محمد أو يا من له أهلية الخطاب رُكَّعاً سُجَّداً راكعين ساجدين يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ بالعفو عن تقصيرهم وَرِضْواناً منه عن أعمالهم الصالحة بأن يتقبلها الله منهم سِيماهُمْ علامتهم فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ فيجوز أن تكون العلامة أمرا محسوسا وأن السجود بمعنى حقيقة وضع الجبهة على الأرض، وكان كل من عليّ بن الحسين زين العابدين عليه السلام وعليّ بن عبد الله بن عباس أبي الأملاك يقال له ذو الثفنات، لأن كثرة سجودهما أحدثت في مواضع السجود منهما أشباه ثفنات البعير. والذي
جاء في الحديث «لا تعلبوا صوركم»
أي لا تخدشوها. وعن ابن عمر أنه رأى رجلا أثر في وجهه السجود فقال: إن صورة وجهك أنفك فلا تعلب وجهك ولا تشن صورتك محمول على التعمد رياء وسمعة. وعن سعيد بن المسيب هي ندى الطهور وتراب الأرض. ويجوز أن يكون أمرا معنويا من البهاء والنور. وعن عطاء: استنارت وجوههم من التهجد كما قيل
«من كثر صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار»
وإن الذي يبيت شاربا يتميز عند أرباب البصيرة من الذي يبيت مصليا وفيه قال بعضهم:
عيناك قد حكتا مبي ... تك كيف كنت وكيف كانا
ولرب عين قد أرت ... ك مبيت صاحبها عيانا
قال المحققون: إن من توجه إلى شمس الدنيا لا بد من أن يقع شعاعها على وجهه، فالذي أقبل على شمس عالم الوجود وهو الله سبحانه كيف لا يستنير ظاهره وباطنه ولا سيما يوم تبلى السرائر ويكشف الغطاء ذلِكَ مَثَلُهُمْ أي ذلك الوصف وصفهم العجيب الشأن في الكتابين: ويجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله كَزَرْعٍ إلى
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 6 صفحة : 153