اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 608
يهوى امرأة في الجاهلية اسمها عناق. فأتته وقالت: ألا نخلو؟ فقال: ويحك إن الإسلام حال بيننا. فقالت: فهل لك أن تتزوّج بي؟ قال: نعم. ولكن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأمره فنزلت هذه الآية.
ثم العلماء اختلفوا في الآية في موضعين: الأوّل في لفظ النكاح فقال أكثر أصحاب الشافعي: إنه حقيقة في العقد
لقوله صلى الله عليه وسلم «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» «1»
ولا شك أن المتوقف على الولي والشاهد هو العقد لا الوطء.
ولقوله صلى الله عليه وسلم أيضا «ولدت من نكاح لا من سفاح»
ولقوله تعالى وَأَنْكِحُوا الْأَيامى [النور:
32] وقال الجمهور من أصحاب أبي حنيفة: إنه حقيقة في الوطء لقوله تعالى حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة: 230] والنكاح الذي ينتهي إليه الحرمة ليس هو العقد بل هو الوطء بدليل
قوله صلى الله عليه وسلم «لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» «2»
وقال صلى الله عليه وسلم: «ناكح اليد ملعون وناكح البهيمة ملعون»
ومن الناس من قال: النكاح عبارة عن الضم. يقال: نكح المطر الأرض إذا وصل إليها، ونكح النعاس عينيه. والضم حاصل في العقد وفي الوطء، فيحسن استعمال اللفظ فيهما جميعا. قال ابن جني: سألت أبا علي عن قولهم «نكح المرأة» فقال: فرقت العرب بالاستعمال فرقا لطيفا. فإذا قالوا: نكح فلان فلانة، أرادوا أنه تزوّجها وعقد عليها. وإذا قالوا: نكح امرأته أو زوجته. لم يريدوا غير المجامعة. إلا أن المفسرين أجمعوا على أن المراد بالنكاح في هذه الآية هو العقد أي لا تعقدوا على المشركات.
الثاني لفظ المشرك هل يتناول الكفار من أهل الكتاب أم لا؟ قال الأكثرون: نعم لقوله تعالى وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ إلى قوله سبحانه عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة: 31] ولقوله إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ [النساء: 48] فلو كان كفر اليهود والنصارى غير الشرك لاحتمل أن يغفر الله لهم وذلك باطل بالاتفاق. وأيضا النصارى قائلون بالتثليث وليس ذلك في الصفات، فإن أكثر المسلمين أيضا يثبتون لله تعالى صفات قديمة، فإذن هو في الذات وهذا شرك محض.
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمّر أميرا وقال: إذا لقيت عدوّا من المشركين فادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فادعهم إلى الجزية وعقد الذمة، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم.
سمى من يقبل الجزية وعقد الذمة بالمشرك.
وقال أبو بكر الأصم: كل من جحد رسالته فهو مشرك من حيث إن تلك المعجزات التي
(1) رواه البخاري في كتاب النكاح باب 36. أبو داود في كتاب النكاح باب 19. الترمذي في كتاب النكاح باب 14. ابن ماجه في كتاب النكاح باب 15. الدارمي في كتاب النكاح باب 11. أحمد في مسنده (1/ 250) .
(2) رواه البخاري في كتاب الطلاق باب 7، 37.
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 608