اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 494
التفسير:
هذا حكم آخر. والصيام مصدر صام كالقيام والعياذ. وهو في اللغة الإمساك عن الشيء. قال الخليل: الصوم قيام بلا عمل. وصام الفرس صوما أي قام على غير اعتلاف. وقال أبو عبيدة: كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم. وإنه في الشرع عبارة عن الإمساك عن أشياء مخصوصة تسمى المفطرات كالأكل والشرب والوقاع في زمان مخصوص هو من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. ولا بد في صحته من النية وأن يقع في غير يومي العيد بالاتفاق، وفي غير أيام التشريق عند الأكثرين. ويوافقه الجديد من قول الشافعي «ومن غير يوم الشك بلا ورد ونذر وقضاء وكفارة» . ولا بد للصائم من الإسلام والنقاء عن الحيض والنفاس، ومن العقل كل اليوم، ومن انتفاء الإغماء في جزء من اليوم. وقوله سبحانه كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أي على الأنبياء والأمم من لدن آدم إلى عهدكم. قال علي كرم الله وجهه: أوّلهم آدم يعني أن الصوم عبادة أصلية قديمة ما أخلى الله أمة من افتراضها عليهم لم يفرضها عليكم وحدكم.
لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ بالمحافظة عليها لقدمها، أو المعاصي لأن في الصوم ظلفا للنفس عن المناهي ومواقعة السوء، أو لعلكم تنتظمون في سلك أهل التقوى فإن الصوم شعارهم.
وقيل: معناه صومكم كصومهم في عدد الأيام وهو رمضان، كتب على النصارى فأصابهم موتان فزادوا عشرا قبله وعشرا بعده. وقيل: كان يقع في البرد الشديد والحر الشديد فشق عليهم فجعلوه بين الشتاء والربيع وزادوا عشرين كفارة. ومعنى معدودات مؤقتات بعدد معلوم أو قلائل مثل دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ [يوسف: 20] وأصله أن المال القليل يعدّ عدّا، والكثير يحثى حثيا كأنه قال: إني رحمتكم فلم أفرض عليكم صيام الدهر كله ولا أكثره ولكن أياما معدودة قليلة، وعلى هذا يحتمل أن يكون وجه الشبه بين الفرضين مجرد تعليق الصوم بمدة غير متطاولة وإن اختلفت المدتان. ثم إن الأئمة اختلفوا في هذه الأيام على قولين: الأول: أنها غير رمضان. فعن عطاء: ثلاثة أيام من كل شهر. وعن قتادة: هي مع صوم عاشوراء. ثم اختلفوا أيضا فقيل: كان تطوّعا ثم فرض وقيل بل كان واجبا. واتفقوا أنه نسخ بصوم رمضان واستدلوا على قولهم إنها غير صوم رمضان بما
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم «إن صوم رمضان نسخ كل صوم»
فدل على أن صوما آخر كان واجبا. وأيضا ذكر حكم المريض والمسافر في هذه الآية وفي التي تتلوها، فلو اتحد الصومان كان تكريرا محضا.
وأيضا ذكر في هذه الآية التخيير بين الصوم والفدية وصوم رمضان واجب على التعيين فيختلفان. والثاني: وهو اختيار أبي مسلم والحسن وأكثر المحققين أنها شهر رمضان أجمل أولا ذكر الصيام، ثم بينه بعض البيان بقوله أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ ثم كمل البيان بقوله
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 494