اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 408
إلا في المسجد. فكان موتهم لا على حال الإسلام موتا لا خير فيه لأنه ليس بموت السعداء ومن حق هذا الموت أن لا يحل فيهم.
أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ يحتمل أن تكون «أم» منقطعة، ومعنى الهمزة فيها الإنكار لمجرد الحضور عند وفاته والخطاب للمؤمنين أي ما كنتم حاضرين حين احتضر يعقوب، وإنما حصل لكم العلم به من طريق الوحي، أو لأهل الكتاب المعاصرين كأنه قيل لهم: كيف تزعمون أن ما أنتم عليه دين الرسل ولم تشهدوا وصايا الأنبياء ولو شهدتم ذلك وسمعتم قولهم لنبيهم لظهر لكم حرصهم على ملة الإسلام والدين الحنيفي فرغبتم في دين محمد صلى الله عليه وسلم؟ ويحتمل كون «أم» متصلة على أن يقدر قبلها محذوف معناه، أتدعون على الأنبياء اليهودية أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ قيل: أي إن أوائلكم من بني إسرائيل كانوا مشاهدين له إذ أراد بنيه على التوحيد ودين الإسلام، فما لكم تدعون على الأنبياء ما هم منه براء وفيه نظر، لأن «أم» المعادلة أحد الأمرين كائن فيها فقط، فإن كان الحضور ثابتا لم تكن الدعوى ثابتة لكنها ثابتة ولهذا توجه الإنكار عليها، فالوجه أن يقال:
المراد أن الحضور غير ثابت لتطاول الزمان، فإذن دعواهم يهودية الأنبياء دعوى بلا دليل فلا تسمع منهم على أنه تعالى نص على بطلانها بقوله إِذْ قالَ لِبَنِيهِ إلى آخره، ويتجه على هذا التقدير أن تكون «أم» منقطعة كأنه استفهم أولا على سبيل الإنكار أي لم تدعون، ثم استأنف استفهاما ثانيا لتقرير النفي أي ما كنتم شهداء أو لتقرير الإثبات على أن أوائلهم قد شهدوا فيكون مؤكدا لذلك الإنكار ما تَعْبُدُونَ أي شيء تعبدون. و «ما» عام لأولي العلم وغيرهم، «ومن» مختص بأولي العلم ولهذا قال العلماء «من» لما يعقل. و «من» خصص «ما» بغير أولي العقل قال: المراد السؤال عن صفة المعبود كما تقول «ما زيد» تريد أفقيه أم طبيب روي أن يعقوب عليه السلام لما دخل مصر رأى أهلها يعبدون الأوثان والنيران فخاف على بنيه بعد وفاته فقال لهم هذا القول تحريضا على التمسك بعبادة الله لا أنهم كانوا يعبدون غير الله، لأن مبادرتهم إلى الاعتراف بالتوحيد تنافي ذلك، ولأن المشهور من أمر الأسباط أنهم كانوا قوما صالحين، وإِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ عطف بيان لآبائك، وقدم إسماعيل لأنه أسن، وجعل إسماعيل وهو عمه من جملة آبائه لأن العمل أب والخالة أم لانخراطهما في سلك واحد هو الأخوة
قال صلى الله عليه وسلم «عم الرجل صنو أبيه»
أي لا تفاوت بينهما كما لا تفاوت بين صنوي النخلة. وأيضا أطلق اسم الأب على إبراهيم وهو جده فعن الشافعي أنه مجاز ولهذا قال: الإخوة والأخوات للأب والأم لا يسقطون بالجد، وإليه ذهب مالك وأبو يوسف ومحمد وهو قول عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وزيد، وقال
اسم الکتاب : تفسير النيسابوري = غرائب القرآن ورغائب الفرقان المؤلف : النيسابوري، نظام الدين القمي الجزء : 1 صفحة : 408