responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : درج الدرر في تفسير الآي والسور - ط الحكمة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 87
وتخصيصُ ذلك اليوم لتعظيم شأنه، كما يقال: ربُّ الكعبة، وإله إبراهيم.
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [5]} تقديره: نعبدُكَ ونستعينُكَ، فلما قدِّمَ الضميرُ ليكونَ ذكرُهُ أهمَّ من ذكر العبادة [1]، قيل: كذلك مثاله قولهم: [إياك] [2] ضربتُ.
وإنما حَسُنَ العدول عن المُغايبةِ إلى المُخاطبة لدلالة الحال أن المعنى واحدٌ، كقوله: {وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)} [3]. والعبادةُ: الديانة [4]، وهو التمسك بالطاعة في تذلُّلٍ وخضوعٍ [5]، منه قولهم: دَانتْ لهُ الرقابُ. ولا يعبد الله إلا مَنْ يطيعه.

= بل تكرر مثل هذا الإطلاق في كتاب الله، ومنه قوله تعالى: {كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)} [الانفطار: 9] يعني بالجزاء، وقوله تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86)} [الواقعة: 86] يعني غير مجزيين بأعمالكم.
[1] قُدِّم المعمول {إِيَّاكَ} على عامله {نَعْبُدُ} لإفادة الحصر، وهذه قاعدة معروفة، ومعناه: لا نعبد إلا إياك، وهذا هو الأنسب أن يكون منفصلًا لتعذر الوصل حينئذ. وهذا ما ذهب إليه شيخنا العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في تفسيره (1/ 13) على عكس ما قدره المؤلف متصلًا، بل قال السمين الحلبي في تفسيره "الدر المصون" (1/ 55) أنه واجِب الانفصال وأنه واجب التقدم على عامله، وثمة نكتة بلاغية في قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} وهي الالتفات وهو الانتقال من الغيبة إلى الخطاب، ولو جرى الكلام على أصله لقال: الحمد لله، ثم قيل: إياه نعبد. ونظير ذلك قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ} ولم يقل بكم.
[2] ما بين [...] ليست في الأصل وضعتها ليستقيم المعنى.
[3] النحل:56.
[4] أجمع ما قيل في "العبادة" هو ما عَرَّفه شيخ الإِسلام ابن تيمية [فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 20] فقال: هي اسم جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
[5] غاية المحبة مع التذلل والخضوع شرط في العبادة كما ذكره المؤلف وأشار إليه ابن القيم في نونيته بقوله:
وعبادة الرحمن: غاية حُبَّهِ ... مع ذلَّ عابده، هما قطبانِ
ومداره بالأمر- أمر رسولهِ - .... لا بالهوى والنفسِ والشيطانِ
نكتة بلاغية:
في قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} معنى "لا إله إلا الله" المتضمنة النفي والإثبات، =
اسم الکتاب : درج الدرر في تفسير الآي والسور - ط الحكمة المؤلف : الجرجاني، عبد القاهر    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست