اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 544
وهنا يثور بحث أيوصي لها وجوبا بالمعروف، ولو كان لهم ميراث مقرر في آية المواريث، والميراث فريضة محكمة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث " [1].
لقد قال الأكثرون من الفقهاء: إن هذه الآية إنما يؤخذ بها إذا كان هؤلاء غير وارثين كما كان الأمر في أول الإسلام إذا أسلم وأبواه مشركان، وكما كان من بعد من تزاحم الورثة أو تقديم بعضهم على بعض، كان يكون له أخت شقيقة أو لأب، وله ابن، فإن الأخت لَا ترث وهي من الأقربين، وكذلك أخوه؛ لأن الابن حجبه ففي الحال إذا كان الأخ ذا حاجة كمتقدم السن فإنه يوصى له.
ولذا قال هؤلاء الغلبة من الفقهاء إنه يجمع بين آية الوصية وآية المواريث وتكون آية الميراث مخصصة لآية الوصية بأنها في غير الوارثين من الأقارب.
هذا ما عليه الجمهرة العظمى من الفقهاء، ولا يقال إن آية الميراث نسخت آية الوصية؛ لأنها بقيت شريعتها في غير الوارثين، وهي في ذاتها سير لما عساه يكون من حاجة عند بعض الأقارب الأقربين الذين لم يصل إليهم تقسيم الميراث ويكون هذا هو العدل، وهو البر والرحمة بذوي قرباه.
ويرى بعض الفقهاء أنه لَا تعارض لَا في الكل ولا في الجزء بين آيات الميراث، وآية الوصية، فآية الوصية في الثلث يوصي به لمن يراه أشد حاجة وأقوى [1] عَنْ أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ: «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ انْتَمَى إِلَى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ التَّابِعَةُ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ: «ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» ثُمَّ قَالَ: «العَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ». رواه بهذا اللفظ الترمذي: كتاب الوصايا (2046).
ورواه أبو داود مختصرا: كتاب البيوع (3094) ورواه ابن ماجه بلفظ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ فِى خُطْبَتِهِ عَامَ حِجةِ الْوَدَاع: " إِنَّ اللَّهَ قَدْ أعْطَى كُلَّ ذِي حَق حَقَّهُ فَلا وَصِيةَ لِوَارِثِ ".
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 544