اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 488
هذه إشارات إلى بعض ما في الآية من بينات، وأدلة على أن خالق الكون واحد مدبر وحده لَا يشاركه في هذا الإيجاد المحكم الذي يسير على سنة رسمها منشئه، لَا تقدير لخلق إلا من الله وحده، وهو العليم الحكيم. ولنذكر ما ساقه سبحانه وتعالى من كلمات في هذا الكون.
قوله تعالى:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... (164) قالوا: إن المشركين لما ذكر الله سبحانه وتعالى وحدانيته طلبوا دليلا على الدعوى، وإردافها ببينة واضحة، فقال الله تعالى ذلك، وإذا لم يكن سؤال، فإنها جواب على فرض سؤال إذ العقل طُلَعَة يريد معرفة سر كل شيء.
والسماوات جمع سماء، وجمعت لأنها تشتمل على طبقات مختلفة من أبراج ونجوم وكواكب يمسكهن الله تعالى برباط محكم مما سنه في الكون من جاذبية رابطة، ونسق بهيج، (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَد مِنْ بَعْدِهِ. . .)،، فهو سبحانه خلقها وأمسكها وحفظها من أن تنتثر أو أن تنفطر ووحد الأرض؛ لأنها في سطحها وظاهرها شيء واحد، وإن كانت هي الأخرى طبقات.
وآية السماوات ما فيها من أبرج ونجوم وارتفاعها بغير عمد ترفعها، وما فيها من الشمس والقمر والنجوم السائرة الباهرة مشرقة ومغربة نيرة، وغير نيرة.
وآية الأرض ما فيها من بحار وجبال رواسي، وما في باطنها من فلزات ومعادن وماس، وما فى بحارها من لآلئ ومرجان وعنبر، فكل هذا آية على وجود الله تعالى ووحدانيته؛ فهو خالق الوجود وحده.
وقوله تعالى: (وَاخْتِلافِ الَّليْلِ وَالنَّهَارِ) بأن يكون كل واحد منهما خلفا، كما قال تعالى: (وَهوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً. . .)، واختلافهما من حيث الظلمة والنور، ومن حيث الطول والقصر وأن يطول الليل مرة أكثر من النهار وأن يطول النهار أخرى أكثر كما قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ. . .)، وقد قال تعالى: (وَآيَةٌ لهُمُ اللَّيْلُ
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 488