responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 479
(إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى)، البينات الأخبار البينة، والأحكام المبينة في الكتاب بعد بيانها، وقد أنزلها الله تعالى في كتبه التي كانت للنبيين السابقين، والهدى هو ما بينه سبحانه من أوامر ومنهيات، فمن كتم البينات الدالة على الرسالات، والأخبار الصادقة عن النبيين، والأحكام الهادية إلى الصراط، فقد كتم علم الله، والكتمان للعلم، إنما يكون حيث تكون الحاجة إلى البيان من قبل أن يكون المقام مقام بيان وتوجيه وإرشاد، فيكون ممن عنده علم كما أنكر اليهود والنصارى ما عندهم من علم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ومكة وما حولها، وإبراهيم وأولاده، وكما ينكر العلم من يسأل عنه فلا يجيب، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " مَن سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار " [1].
والآية موضوعها كل كتمان لعلم أو هداية، وقالوا إنها نزلت في اليهود، ولكن حكمهاء عام يشمل كل كتمان لعلم فيه هداية للناس، فيشمل الذين يعلمون رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ولا يبلغونها للناس، ومن لَا يبينون الشرع الإسلامي لأهله،

[1] أخرجه أحمد في مسنده عن أبي هريرة (8284)، وأبو داود: كتاب العلم (3273)، وابن ماجه (262).
وله طريق أخرى من رواية أنس بن مالك - رضي الله عنه.
ومن يعمل بالمعصيه، فيجزيه بالسوء سوءا، فهو إشعار للطائع بأنه يعمل تحت رعاية الله تعالى، تحت سمعه وبصره، وهو القائم بكل ما في الوجود، وهو القادر على مكافأة كل بما يعمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
وإن الله تعالى من أول قوله تعالى: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ. . .)، كان كلامه في بني إسرائيل، وكفرهم بنعم الله تعالى ومخالفتهم لشرائع النبيين الجامعة لرسائل الله تعالى إلى خلقه، وما تخلل ذلك من استقبال القبلة كان ردا على سفاهتهم وغيهم، ثم ما كان يومئ إليه تحويل القبلة من إيذان بفتح مكة، وأن ذلك يحتاج إلى جهاد، فبين سبحانه أن عدة الجهاد الصبر والصلاة، وجاء ذكر الصفا والمروة تبعا لذكر الكعبة وما حولها.
ويختم الله تعالى الكلام في أهل الكتاب ببيان أقبح ما كانوا يعملون، وهو كتمان آياته، ويكتبون بدلها بأيديهم ما يسمونه كتاب الله على أنه من عنده سبحانه، وما هو من عنده فقال تعالى:
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 479
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست