responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 456
أمر ربهم الذين يكتمون الحق وهم يعلمون، إنما هو أمر لأمته، بأن يحتاطوا لدينهم الحق، فيزودوا أنفسهم دائما بالعلم الذي يزيدهم إيمانا، وبالقيام بالفرائض، واتباع السنن التي تزيدهم قوة في الاعتقاد، وتبعدهم عن مواطن الشبهات فيزدادوا يقينا، ولا يُبعد الشك ويحدث الاطمئنان إلا العمل الصالح وذكر الله تعالى دائما (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
وإن الله تعالى ينبهنا إلى أننا يجب علينا أن نتجه إلى قبلتنا وشرعنا، وليس علينا أن نغير ما عند غيرنا إن اتبعوا أهواءهم بعد أن نبين لهم الحق وندلهم عليه بالآيات البينات، فإن أعرضوا فلهم أعمالهم، ولنا أعمالنا؛ ولذا قال تعالى:

(وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ).
الوجهة قال كثير من المفسرين إنها القبلة، والتنكير في " لكل " دال على محذوف، والمعنى: لكل ملة أو جماعة قبلة يتجهون إليها، وتبين الحق في هذه الجهات، ببينة الله وقبلته المختارة من بينها، وإن العبرة بعد الاتجاه إلى القبلة الحق أن تستبقوا الخيرات، أي تسارعوا متسابقين إليها، غير مدخرين جهدا في الوصول إلى الخير من عمل صالح، وصلاة وصوم وزكاة، وتعاون على البر والتقوى، وهذا كقوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ. . .).
هذا على تفسير الوجهة بالقبلة، ويصِح أن تفسر الوجهة بالملة أو الشريعة أو الحق كقوله تعالى: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)، وكقوله تعالى: (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (67).
وإن المعنى على هذا: إن لكل أمة اتجاها في اعتقاداتهم، وهم سائرون على ملتهم التي اختاروها، وعقيدتهم التي أرادوها ولهم طريقهم ومنهاجهم، ولا نجادلهم، ولكن أمرنا بأن نستبق بالمسارعة في السبق إلى الخيرات، أي كل ما هو فيه

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 456
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست