responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 450
إذا كان الذين أوتوا الكتاب قد أثاروا عاصفة من الشك حول تحويل القبلة من بيت القدس، وهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فليس ذلك لجهل منهم بالحق كما بينا، ولكن للتعصب الذي استولى على قلوبهم، والتعصب إذا سكن القلوب حال بينها وبين الإدراك السليم فلا تغني الآيات والنذر، ولا تزيدهم البينات إلاخسارا؛ لذا قال تعالى:

(وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعوا قِبْلَتَكَ).
اللام في قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ) هي اللام الموطئة للقسم أي الدالة على أن ثمة قسما محفوظا، وأن جوابه سد مسد جواب الشرط، وهو (مَّا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ) أي والذي يقسم به إن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية قاطعة ملائمة للعقل الحر الخالي من العناد والتكبر والتعصب لكي يتبعوا قبلتك ما اتبعوها؛ لأنهم ليسوا طلاب حق يقنعهم الدليل، بل هم معاندون مكابرون، لَا تزيدهم الحجة القوية إلا إصرارًا، ولقد قال تعالى: (بِكُلِّ آيَة)، أي لو جمعت الحجج كلها، ورميت بها، ما تزايلوا عن إنكارهم الذي سيطر عليهم عداوة وبغضاء واستكبارا.
وقال المفسرون: إن الكلام السامي فيه إظهار في موضع الإضمار فقد قال: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) وكان موضع الإضمار، لأنهم ذكروا بهذا الاسم في الآية السابقة، وكان الإظهار لبيان موضع الإنكار عليهم في تعصبهم، وإنغاض رءوسهم عن الحق وقد قاصت أماراته وأدلته مما بين أيديهم، ومع ذلك إذا زدتهم آيات أخرى ما تبعوا قبلتك.
ولقد قال الله تعالى بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن معه لَا يتبع قبلتهم، لأن الحق لا يخضع للباطل المعاند المستكبر، ولذا قال: (وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ) أي أنت على الحق، ولست بتابع باطلهم، وقد أكد سبحانه وتعالى أنه عليه الصلاة والسلام لا يتبع قبلتهم بالجملة الاسمية الدالة على استمرار نفي تبعيته عليه السلام لقبلتهم، وبضمير الخطاب وهو أنت، أي أنت بصفتك التي في علمهم، وهو أنك المرسل وهم الكذابون المبطلون، وأكده أيضا بالباء في (بِتَابِعٍ) الدالة على استغراق النفي

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 450
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست