اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 419
" عم الرجل صنو أبيه " [1] هذا وإن عَدَّ إسماعيل عليه السلام في آباء يعقوب يدل على أن إسماعيل وإسحاق، لَا يفرق بينهما في نسب ولا دين كما يفعل الحاقدون من بني إسرائيل.
وقوله تعالى: (إِلَهًا وَاحِدًا) قيل إنها بدل من إلهك ولا مانع من أن تكون
النكرة بدلا من المعرفة مثل قوله تعالى: (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16).
ويصح أن تكون حالاً من إلهك، أي حال كونه إلها واحدا، أي نعبده على هذه الحال، ولعل اعتباره بدلا؛ على أنه يكون بدل اشتمال أي أن البدل والمبدل منه شيء واحد.
ونرى في ذكر الله سبحانه وتعالى مضافا إلى ضمير المخاطب يعقوب، ثم ذكره من بعد ذلك موصوفا بالوحدانية تصريح بالوحدانية في العبادة والامتناع عن إشراك غيره معه، وإشارة ثانية إلى الاتباع والقدوة والأخذ بالوصية التي أوصى بها إبراهيم ويعقوب، وفيها إثبات السلسلة الوحدة في أولاده في يعقوب عليه السلام، وإن هذا التوحيد هو الدين الذي اصطفاه الله تعالى لأنه دين الله تعالى؛ ولذا قال سبحانه: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ).
ولقد ختم الأبناء المخلصوِن إجابة أبيهم، البر الرحيم، الذي ضرب به المثل في الصبر والشفقة بقولهم: (وَنحْنُ لَهُ مُسْلِمُود)، أي مخلصون قد سلمنا وجوهنا وقلوبنا له وحده؛ ولذا قدم قوله: (لَهُ) على (مُسْلِمُونَ) لما يدل عليه التقديم من معنى اختصاصه سبحانه بإسلام أنفسهم له تبارك وتعالى، وقد أكدوا إسلام أنفسهم له بالجملة الاسمية. [1] عَنْ عَلِي أن النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِعُمَرَ فِى الْعَباسِ: " إِن عَمَّ الرجلِ صِنْوُ أبِيهِ ". وَكَانَ عُمَرُ تكلَّمَ فِى صَدَقَته.
[رواه الترمذي: كتاب المناقب (3693) وقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسن صَحِيح، كما رواه أحمد في مسند العشرَة المبشرين (687)، وبنحوه عند مسلم عن أبي هريرة: كتاب الزكاة (1634)].
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 419