اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 380
وهذا يدل على أمرين:
أولهما - أنه سبحانه وتعالى فاعل مختار يفعل ما يريد، وأن الأشياء نشأت بإرادته المختارة، فهو فعال لما يريد، والأشياء لم تنشأ نشوء المعلول عن علته، أو المسبب عن سببه.
ثانيهما - أنه لَا يمكن أن يكون له ولد؛ لأن الولد يتولد عن والد، ولا يخلق الله تعالى الأشياء بطريق التوالد، من توليد لاحقٍ بسابق، بل إنه سبحانه وتعالى ينشئ في الابتداء، والتوالد بين الأحياء يكون بسلطانه، وبحكمته وهو العزيز العليم.
إن المسيحية بعد المسيح عليه السلام سارت في ذلك المسار الذي انتهى بوثنيتها وانحرافها، وتحللها من العقيدة التي دعا إليها المسيح عليه السلام، وهي عقيدة المسيح، وأنه رسول الله تعالى، وأنه عبده (لَن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ. . .)، وقد دم ذلك على النحو التالي:
أ - عندما توفى الله المسيح إليه، توالى التعذيب على أتباعه، والتعذيب ابتدأ في حياته عليه السلام في هذه الدنيا فقد اضطهده اليهود ودسوا عليه عند الرومان حتى هموا بصلبه ونجاه تعالى إذ شبه لهم، وما قتلوه وما صلبوه وتوالى من بعد ذلك تعذيب الرومان، في عهد ملوك كثيرين منهم، فكان منهم نيرون الذي كان يطلي أجسامهم بالقار ويشعل فيه، ويسيرون في مواكبهم مشتعلين، وكان زينة موكبه تلك المشاعل الإنسانية، ومنهم دقلديانوس الذي قتل مقتلة عظيمة في سنة 282، وإنه في وسط هذا الاضطهاد كان المسيحيون يقيمون شعائرهم الدينية في الخفاء إذ كلما ظهروا عذبوا، وكانوا إذا ظهروا أخفوا عقائدهم فكانوا يفتشون القلوب وينقبون عن خبايا النفوس، ولا يسلم الدين مع هذا الاختفاء إذ لَا يكون مرشد هاد، ولا رقيب يمنع دخول الزيف في دينهم.
بـ - وفي هذه العصور دخلت عناصر من الوثنيين يحملون وثنيتهم، وخلطوا ما بينها وبين عقيدة التوحيد التي جاء بها المسيح عليه السلام، وإن الاختلاط بمرضى الحقائق يجعل الضلال يسري إليهم كما تسري عدوى الأمراض.
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 380