اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 370
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ). " مَن " هنا للاستفهام بمعنى إنكار الوقوع أي النفي، فالمعنى لَا أحد أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيه اسمه، فقوله: (أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) بدل من المساجد، والمنع إنما هو من أن يذكر فيها اسمه وأضيف إلى المساجد للإشارة إلى أن ذلك اعتداء عليها، والاعتداء عليها اعتداء على الله سبحانه وتعالى؛ لأنها مساجد الله تعالى؛ إذ قد خصصت لعبادته سبحانه وتعالى، ومنع أن يذكر فيها اسمه، منع من ذكر الله تعالى وهو أكبر الآثام.
ومع هذا الخبر الناهي الذي فيه العبرة وقع المسلمون في الاختلاف ولا حول ولا قوة إلا بالله.
* * *
المساجد للعبادة فلا يمنع منها أحد
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)
* * *
ذكر الله سبحانه وتعالى ما يتوهمه أهل الكتاب وما يجري بينهم من خلاف يكَفِّرُ فيه بعضهم بعضا، وأن المشركين يفعلون مثل فعلهم، ويقولون مثل قولهم، بعد ذلك ذكر أمرًا حدث من أهل الكتاب ومن المشركين معا، وقد جمعتهم الأماني الكاذبة كما جمعهم الاعتداء على بيوت الله تعالى التي خصصت لعبادته.
فقد وقع ذلك من اليهود والنصارى إذ يمنعون غيرهم من المسجد الأقصى حتى دمره المتمردون من المغول والرومان والنصارى، منعوه أيضا بعد أن دخل قسطنطين وحرف النصرانية في مجمع نيقية على ما هو معروف، والمشركون منعوا المسلمين من حج بيت الله الحرامِ وصدوا المسلمين في الحديبية. فالمنع من المساجد. وقوله تعالى:
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 370