responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 333
إلا المتمرد على الفطرة وعلى كل ما يتقاضاه العقل المدرك، واللام في (الْفَاسِقُونَ) للجنس، وليس المراد بها قوما معهودين، وإن كان أشد من ينطبق عليه الأمثال اليهود الذين كفروا بها. وإن اليهود إذا كانوا فسقوا، وكفروا بالقرآن الكريم معجزة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهم قد نقضوا العهد الذي عاهدوا الله تعالى عليه في الميثاق الذي أخذ عليهم، وناقضوا أنفسهم، إذ كانوا يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ماعرفوا كفروا به.
فإذا كانوا قد كفروا بالكتاب الذي جاء به محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، فقد نقضوا عهدا أخذ عليهم مرارا، نقضوا الميثاق الذي أوجب تعالى عليهم أن يؤمنوا برسله، ونقضوا العهد الذي أخذوه على أنفسهم إذ كانوا يستفتحون على الذين كفروا، ولما عقد النبي - صلى الله عليه وسلم - الميثاق بينهم وبينه عندما هاجر نقضوه جميعا؛ فنقضه بنو قينقاع وبنو قريظة وبنو النضير وأوى الناقضون إلى خيبر، وشنوها حربا مشبوبة على المؤمنين [1].
وقد بين الله تعالى أن ذلك شأنهم، فقال: (أَوَ كُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ) الهمزة للاستفهام الإنكاري لإنكار الواقع، وهو ما يقع منهم من نقض العهد، ونبذ للمواثيق، والواو عاطفة وهي مؤخرة عن تقديم، لأن الاستفهام له الصدارة دائما، والمعنى أنكروا الكتاب والنبي الذي عرفوه كما يعرفون أبناءهم ونقضوا الميثاق، وكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم إلى آخر الآية، وتأخير العاطف عن الاستفهام كثير في القرآن من مثل قوله تعالى: (أَفحُكْمَ الْجَاهِلِيةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ)، وقوله تعالى: (أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كنتم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ)، وهكذا مثل ذلك كثير في القرآن المبين.

[1] عَى ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: حَارَبَتْ النضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَاجْلَى بَني النضير وَأقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتي حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ وَأوْلادَهُمْ وَامْوَالَهمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إلا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنبِى - صلى الله عليه وسلم - فآمَنَهُمْ وَأسْلَمُوا، َ وَأجْلَى يَهُودَ الْمَدينَة كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ رَهْطُ عَبْد اللَّهِ بْنِ سَلايم وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُل يَهُودِ المَدِينَةِ. [أخرجه البخَآرى: كتاب المغازي (3724)، ومسَلم: الجهاد والسير (3312)].
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست