اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 329
(مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلَّهِ)، فابتدأ سبحانه بلفظ الجلالة الكبير في ذاته خالق الوجود، وخالق الملائكة والجن والإنس، والشمس والقمر والسماوات والأرض ابتدأ بذكره جل جلاله لبيان أن من عاداه، فقد تعرض لأعظم نقمة وأشد ضلال وخروج عن الحق، فالابتداء به سبحانه وتعالى لبيان أعظم خطورة يتعرضون لها بجهلهم وفساد نفوسهم وضلال فكرهم.
وثنى سبحانه بالملائكة، وأضافهم سبحانه وتعالى إليه للإشارة إلى أن عداوتهم هي عداوة له فهم يعادونه ابتداء بمعاداة ذاته العلية، ثم يعادونه ثانيا بمعاداة ملائكته الذين خلقهم لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهم في
أنزلها تعالى على النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعث محمد - صلى الله عليه وسلم -، والتعبير ببين يديه كناية عن أنه أمامه فما يكون أمام الإنسان يكون بين يديه سابقًا له، فهو مصدق لكل ما اشتملت عليه الكتب السابقة التي لم يجر بها تحريف، ولم ينس فيها حظ مما ذكروا به.
وكان حقا عليهم ألا يعادوا الملك الذي اتخذه الله تعالى روحا أمينا نزل به، ولكنهم أعداء الحق دائمًا عادوا موسى وربَّه إذ كفروا بأنعم الله تعالى.
وقال تعالى في وصف الكتاب: (وَهُدًى) أي فيه الهداية إلى الحق في ذاته، وفيه البشرى بالنعيم المقيم للمؤمنين الذين من شأنهم الإيمان والإذعان للحق إذ جاءه، وهو مع ذلك شفاء للقلوب (وَنُنَزل مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمؤْمِنِينَ. . .).
وإن الله سبحانه وتعالى بعد أن بين عداوتهم لجبريل، لأنه الروح الأمين الذي نزل بالقرآن، بين سبحانه أنه من كان عدوا لله تعالى وملائكته، وكتبه ورسله، فإن الله عدو للكافرين.
في هذا النص الكريم إثبات أن من كان عدوا للملائكة أو لواحد منهم، ومن كان عدوا للكتب التي أنزلها التي لم تحرف والرسل الذين أرسلهم رحمة للعباد، وهداية لهم فهو عدو لله تعالى، وهو كافر، والله تعالى عدو للكافرين، ابتدأ الله تعالى بذكر عداوة الله تعالى فقال: (قُلْ) يا محمد أيها البشير النذير
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 329