اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 305
الذي يرسله الله تعالى إلى رسله هو الملك جبريل عليه السلام، وقال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس به خفاء
وقال تعالى: (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ)، وروح القدس من إضافة الموصوف إلى الوصف، أي الروح القدس أي الطاهر وقد وصف بالأمين، كما ترى في الآية التي تلونا، وليس إلها، ولا ثالث ثلاثة كما قال الذين لَا يؤمنون إلا بالأوهام، وهم النصارى الذين يتبعون بولس عدو المسيح، ولا يتبعون المسيح رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.
كفر بنو إسرائيل بالمسيح عليه السلام، وقد أتى بهذه البينات القاهرة، ولكنهم كفروا استكبارا عن اتباعه عليه السلام، " ولأن ما جاء به يخالف أهواءهم فهم يريدون الرسول داعيا إلى ما تهوى أنفسهم، والكفر ملازم لكل من جعل إلهه هواه، فهو يدين لكل ما يتبع أهواءهم، ولا يدينون دين الحق الذي يقوم الدليل على صحته، وأنه من عند الله؛ ولذلك قال الله تعالى في بني إسرائيل: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ).
والهوى هو الميل إلى الشيء بالانحراف، ويسمى الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه إلى الباطل من كل شيء فهو يهوي إلى الخلق الفاسد، وإلى الضلال، ومن بعد ذلك يهوي به إلى النار.
وإنهم يرفضون طاعتهم للحق إطاعة لهواهم ولكنهم يسترون ذلك بالاستكبار، واستصغار الحق ومن يدعو إليه مستعلين عليه، كأنهم هم وحدهم، حملة الرسالة الإلهية ولا يحملها سواهم، لأنهم أبناء الله وأحباؤه، ولذلك كانوا مستمرين في غوايتهم.
قوله تعالى: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ) الفاء لترتيب ما بعدها من حكم على ما كان قبلها من كفر متوالٍ مستمر، والهمزة للاستفهام وهو لإنكار الواقع الذي هم فيه،
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 305