اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 265
يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ (70) قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ (71)
* * *
كان بنو إسرائيل في مصر، وكانوا أذلوهم يذبِّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، ولكنهم عاشروهم حقبة طويلة من الزمن تأثروا بعاداتهم، وألفوا ما كانوا يألفون، لقد كان المصريون يعبدون العجل، ويقدسونه وقد أراد الله تعالى أن يقتلع من بني إسرائيل ما تأثروا به، وقد رأينا السامري أضلهم فعبده بعضهم، ولم ينههم سائرهم عن عبادته، فاششركوا جميعا في هذا المنكر.
وإن الله تعالى قد اختبرهم ليزيل ما في نفوسهم من نزعة إلى تقديسه أو بقية من هذا التقديس فقال رسولهم الأمين القوي:
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً) ولو أتوا إلى أية بقرة فذبحوها لكان في ذلك استجابة لأمر الله تعالى؛ لأن الأمر المطلق تتحقق الإجابة فيه بالتنفيذ في أية جزئية من جزئياته، والمطلق يتحقق وجوده في أي فرد من أفراده.
ولكن الطلب لم يصادف أهواءهم، وحالهم في ذات أنفسهم فأخذوا يراوغون بكثرة الاستفهام، وإن أول التمرد هو كثرة الأسئلة، فالطاعة ألا تتمرد، ولا تثير الجدل، وكان أول قولهم في مجاوبة نبي الله وكليمه موسى عليه السلام أن قالوا، وكأنهم يتهكمون: (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) والهزو اللعب والسخرية، أي أنهم يستغربون ذلك الطلب، ولا ندري لماذا يكون الأمر بالذبح سخرية بهم، وعبثا بعقولهم العابثة إلا أن يكون ذلك مخالفا لمألوفهم، وبالغوا في الهزء فقالوا: (أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا) أي
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 265