اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 255
هؤلاء إذا آمنوا ذلك الإيمان، وأخلصوا لله ذلك الإخلاص وقوّوا إيمانهم بالعمل الصالح الذي يكون فيه الطاعة لله ولرسله والاستجابة لكل ما أمر به - من كانوا كذلك فلا خوف عليهم من عقاب ينزل بهم، ولا يحزنون على ما فاتهم في ماضيهم من شر، لأن الإيمان يجبُّ ما قبله كما قال تعالى: (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ. . .)، فلا يأسون على ما فاتهم ويفرحون بما أتاهم.
ونقبس قبسة من صورة الإيمان كما علم جبريل أمة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم:
روى ابن ماجه عن عمر رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاء رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد شعر الرأس، لَا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأسند ركبته إلى ركبته، ووضع يديه على فخذيه، ثم قال: " يا محمد، ما الإسلام؟ فقال: شهادة أن لَا إله إلا الله، وأني رسول الله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت. قال: صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد، ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، قال: صدقت، فعجبنا منه يسأله ويصدقه، ثم قال: يا محمد، ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإنك إن لَا تراه فإنه يراك، قال: فمتي الساعة؟ قال: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فما أمارتها؛ قال؛ أن تلد الأمةُ ربتَها، وأن ترى الحفَاةَ العُراة العَالَة رِعَاء الشاء يتطاولون في البنيان " [1]. هذا هو الإيمان الذي يزيل الفوارق التي تكون بين الأمم والجماعات والأديان، وقبل أن نتم الكلام حول الآية الكريمة نذكر أمورا ثلاثة فيها بيان للناس في ظل بيان القرآن الكريم. [1] حديث جبريل الشهير، رواه بهذا اللفظ ابن ماجه: المقدمة (62)، ورواه مسلم: كتاب الإيمان (9)، والبخاري: الإيمان (48)، والنسائي (4904) وأبو داود (4975) وأحمد: مسند العشرة المبشرين (179).
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 255