responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 248
لهم أن يأكلوا من ثمرات هذا الماء الذي يجيء إليهم من هذه العيون التي تفيض فى الأرض غير مقطوعة، ولا ممنوعة.
وإن النعمة إذا كثرت على أمثال بني إسرائيل كانت مظنة الفساد، ولذا قال تعالى: (وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو، من عثى يعثى بمعنى أفسد، أو بمعنى أضاع كل ما فيه من خير، فاعتدى على حق غيره، فيعثون يشمل كل فعل يؤدي إلى الاضطراب والإفزاع ومنع الخير، ويتقارب من معنى العبث، ويكون قوله تعالى: (مفْسِدِينَ) ليس تكرارًا للفظ لَا تعثوا أو تأكيداً، إنما هو لبيان العثو، وهو القصد إلى الإفساد، فمفسدين معناها قاصدين إلى الإفساد.
وإن بني إسرائيل شأنهم دائما ألا يستقروا، بل هم في تململ مستمر، ولا يهمهم إلا الطعام والشراب، ولذا قالوا لموسى عليه السلام الذي ابتلى بهم: (يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61). كان اليهود (لعنهم الله) لَا يهمهم إلا ما يطعمون، فسألوا الأكل أولا ثم سألوا الماء ثانيا، ثم سألوا تلوُّن الأطعمة، ولم يفكروا في أمر معنوي، لم يفكروا في العزة بعد الذلة، ولا في النجاة بعد القتل، ولا في المعاني الروحية التي جاء بها موسى عليه السلام، ولا في الإيمان بعد الكفر، ولا في الرفعة بعد الحطة.
لم يفكروا في شيء من هذا إنما فكروا في الطعام وألوانه، لم يطلبوا الهداية، ولكن طلبوا ألوان الطعام، وقال تعالى عنهم:

(وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِد) والمعنى: اذكروا معشر الحاضرين ما قلتم أنتم وأسلافكم، ولا تفكير لكم في جهاد تجاهدونه، ولكن في طعام تأكلونه، نادوا موسى وهو لهم كالأم الرءوم: (يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِد) وهو المن والسلوى، وقالوا: على طعام واحد، لأنه لون واحد متكرر مستمر، لَا يتغير، فهو يعرض بطريقة واحدة، والشيء المتكرر

اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست