اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 241
والقرية هي المدينة العظيمة الجامعة لعدد كبير من السكان، من قَرَى بمعنى جمع، ولذلك أطلق على مكة أنها قرية وأم القرى، ولم يبين القرآن الكريم ما هي هذه القرية، لم يرد في القرآن ما يبين عين هذه القرية أهي الأرض المقدسة أم هي قرية قريبة أمرهم موسى بالدخول فيها، وإن الذي نفهمه من النص والسياق أنها قرية ليست بعيدة عن صحراء سيناء، وأن ذلك في عهد موسى عليه السلام.
أما أنها قريبة ليست بعيدة فقد أخذناه من الإشارة، فقد أشير إليها بالإشارة الدالة على القرب، وهي " هذه "، فهي لابد أن تكون قريبة، والنص يدل على أنهم دخلوها، وقد عصوا أمر ربهم الذي أمر به عند دخولهم.
وأما أنها كانت في عهد موسى عليه السلام، ولم يكن قد فارقهم بالموت، فإن ذلك يثبت من سياق القول، لأن موسى عليه السلام من قبل الأمر بالدخول كان هو الذي يخاطبهم بأمر الله تعالى، ومن بعد الأمر بالدخول هو الذي كان يخاطبهم ويخاطبونه، فلم يكن من مقتضى ذلك أن يكون الدخول، وقد انقضى عهد موسى عليه السلام، وجاء غيره.
وعلى ذلك نقول إن الله سبحانه وتعالى أَبْهم ذكر هذه القرية، ولا نتعرض لبيان ما أبهمه الله تعالى، ولم يذكره نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يثبت قول عن أصحابه الذين تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم النبوة ليبلغوه للناس، وإن القول في هذه القرية ما هي؟ داخل في النهي في قوله تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ. . .).
ولكن قال بعض العلماء إنها أريحا، أو بعض بلاد في الأردن، ورجح الأكثرون وقالوا إنه القول الصحيح، أنها بيت المقدس التي كتب الله تعالى لهم أن يدخلوا، وقالوا إن ذلك ذكر في القرآن في سورة المائدة، إذ قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 241