اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 233
(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ) وإذ هنا دالة على الوقت الماضي، والمعنى واذكروا ذلك الوقت، يأمر الحاضرين والماضين لأنهم أمة واحدة في ضلال الفكر، والكفر بالنعمة، اذكروا ذلك العمل الفاجر، وما جرى فيه من نسيان للحق والإيمان، واذكروا كيف كان ضلالكم باستهواء قوم فرعون، واذكروا الوقت الذي ناداكم فيه على أنكم قومه، وأنكم نابذتم الحق، واتبعتم الباطل، واذكروا وقت أن قال موسى لكم (يَا قَوْمِ) لأنهم قومه الذين ناصرهم وأيدهم، وأحبهم ولم يتركهم للظالمين، فالنداء بقوله (يَا قَوْمِ) إشارة إلى ما يربطه بهم من مودة ومناصرة، وتأييد، وإعزاز، وتنزيه لهم عن الباطل، فالقريب نداؤه محبوب ومجاب، ولقد منَّ الله تعالى على العرب أن بعث فيهم رسولا منهم، فقال تعالى: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رحيمٌ).
ناداهم موسى: (يَا قَوْمِ إِنًّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُم بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ)، وهذا عتب رقيق لإثم قوي، ومعنى اتخاذ العجل أنهم عبدوه، وعبر سبحانه وتعالى عن عبادة العجل بانهم اتخذوه تنزها عن أن يقول أنهم عبدوه، لأن ما كان منهم وهمٌ باطل لَا يسمى عبادة في الحق، والقول الطيب، ولأنهم لم يعبدوه فقط، بل صنع بأيديهم، أو بأيدي بعضهم، وهو ما لَا ينفع ولا يضر، ولا يسمع ولا يبصر فهذا كله يدل عليه كلمة اتخذوه.
ولقد أكد موسى نبي الله تعالى عليه السلام أنهم إذ اتخذوا العجل ظلموا أنفسهم، باتخاذهم العجل، أكد ذلك بـ " إن " الدالة على التوكيد، وظلمهم لأنفسهم