اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 222
تكلمنا في ماضي قولنا في معنى النداء بيا بني إسرائيل، وأشر نا إلى النعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل، وقد ذكر نعمة لم يذكرها سبحانه وتعالى فيما مضى من قوله الحكيم، وهو أنه سبحانه وتعالى فضلهم على العالمين، والعالمون جمع عالم كما ذكر من قبل، ويراد أهل العقل والتفكير في هذه الأرض.
والتفضيل ليس تفضيل ذواتهم على غيرهم كما توهموا هم، ودلاهم غرورهم، فزعموا أنهم صنف الله المختار، ودلوا على الناس بذلك بل دلوا على الله تعالى وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، وأكلوا الحقوق، وعاملوا غيرهم بكل أمر ليس فيه خلق ولا دين، وقالوا ليس علينا في الأميين سبيل.
ليس التفضيل لذواتهم إنما الفضل الذي اختصهم الله تعالى به في جيلهم أنه
جيل فيهم أنبياء، ودعاهم أولئك الأنبياء إلى التوحيد لله سبحانه وتعالى، فقد كانوا موحدين كما دعاهم موسى ومن جاء بعده من الأنبياء في وسط وثنيين، فكان كل من حولهم وثنيين؛ فالمصريون وثنيون يعبدون الشمس ومن دونها، والفرس يعبدون النيران، والروم يعبدون الأوثان، واليونان من قبلهم على شاكلتهم، والبابليون يعبدون الكواكب، وهكذا كان جيلهم الأول جيل موسى، وحين نزول التوراة على موسى.
اختارهم الله تعالى أن يكونوا قوم موسى، وأن يكون التوحيد فيهم، وكان مقامهم يمكنهم من أن يدعوا إلى التوحيد؛ لأنهم كان مقامهم في وسط تلك الأراضي التي كان يسكنها الوثنيون.
وإن ذلك التفضيل نعمة أنعم الله تعالى بها عليهم، وأنها توجب شكرا، وتحملهم تكليفا، أما الشكر فلأن شكر النعم واجب بحكم العقل، وبحكم التكليف الإلهي وقد كفروا بأنعم الله تعالى، وأما التكليف الذي حملوه فهو الدعوة إلى الوحدانية ولم يقوموا بحقها، بل إنهم اعتبروا اليهودية جنسا، ومن دخل معهم في
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 222