responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 216
ويستنكره الله تعالى عليهم، وإنكار الواقع توبيخ، وبيان أنه لَا يصح، ولا ينبغي أن يكون، والبر هو الخير، وهو ضد الإثم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عرف الإثم بأنه " ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس " [1].
والنص استنكار لحالهم من أنهم يأمرون الناس بالخير، وينسون أنفسهم، أي يتركونها من غير توجيه إليه، ويكونون بمنزلة من ينسونها، ولا يفكرون في أمرها، مع أن دواعي التذكير والتفكر في ذات أنفسهم قائمة لأنهم يتلون الكتاب؛ ولذلك قال تعالى في هذا النص السامي:

[1] رواه مسلم: كتاب البر والصلة (4632)، وأحمد: مسند الشاميين (6973 1). من حديث نواس بن سمعان الكلابي الأنصاري. وبنحوه رواه الترمذي والدارمي.
(وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ) أي وأنتم تجددون تلاوته آنا بعد آن، فالاستنكار للحال التي يجتمع فيها الأمر بالخير والحث عليه مع ترك أنفسهم لَا تفعلها، وكأنهم نسوها ولم يذكروها، والذكر دائم مستمر، وليس الاستنكار للبر مجردا عما لابسه من حالهم، لأن الأمر بالبر في ذاته ليس بمستنكرٍ، ولا يمكن أن يكون مستنكرًا؛ لأنه دعوة إلى الحق، ولا تنكر الدعوة إلى الحق في ذاتها.
وإن حالهم من دعوة إلى الحق مع نسيان أنفسهم، وتركه مع استمرار التذكير به، وكان ينبغي مع التذكير التذكر - لَا يغفله الذين يفكرون ويعملون عقولهم؛ ولذا قال سبحانه: (أَفَلا تَعْقِلُونَ) والاستفهام هنا للتنبيه إلى مناقضة حالهم للعقل المدرك.
والعقل مصدر عقل بمعنى منع، ثم أطلق على ما يكون به الإدراك السليم لأنه يمنعه من القبيح، ويعقله ويقصره على الجميل، ومعنى الاستفهام، أن حالهم هي حال من لَا عقل له ولا إدراك، و (ألا) هنا - كما ذكرنا - للاستفهام والتنبيه إلى نفَى ما وراءه، والفاء فاء السببية أي بسبب هذه الحال يحكم عليهم بأنهم لا يعقلون، وأخرت الفاء عن الهمزة لأن الاستفهام له الصدارة، فهي مؤخرة عن تقديم.
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست