اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 206
هم بنو إسرائيل، وإسرائيل هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم جميعا السلام، فهم ذرية إبراهيم من فرع إسحاق، والنبي - صلى الله عليه وسلم - فرع إبراهيم من إسماعيل الابن البكر له عليهما السلام، وقد وهب إسماعيل وإسحاق لإبراهيم على الكبر؛ ولذلك قال فيما حكاه عنه رب العالمين: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ).
وإن بني يعقوب ذرية إبرهيم من إسحاق جعلهم الله تعالى صورا للإنسانية التي يختبرها سبحانه وتعالى بالنعم، فمنهم من يشكرها، ومنهم من يكفرها وهم الأكثرون، واختبرهم سبحانه بالنقم تنزل بهم بكفرهم، واستيلاء الشر عليهم، فكانوا بهذا مثلا واضحا للإنسان الذي يتسلط عليه إبليس في النعم والنقم فإن اختبرهم بالنعم لم يشكروها وطغوا واستكبروا كما فعل إبليس، وإن اختبرهم بالنقم ذلوا واستكانوا؛ ولذلك كانوا مثلا للخاضعين لإبليس وهم في نعمهم ونقمهم يحسدون الناس على ما أتاهم من فضله.
(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) النداء لأولاد إسرائيل من عهد موسى عليه الصلاة والسلام، ولكن المخاطبين هم الذين عاصروا النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخوطب من كانوا في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنعم التي أنعم الله بها على بني إسرائيل في ماضيهم، مع أنهم لم يروها، فالذين عبدوا العجل ليسوا هم، والذين كان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ليسوا هم، وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
خوطبوا بكفرهم النعم ونقضهم الميثاق، لأنهم أمة واحدة، ويخاطب الحاضرون بمآثم الماضين إذا علموها وأقروها وساروا على مثلها، ولو أنهم ناقضوها، أو استنكروها، كعبد الله بن سلام وغيره، ما خوطبوا بأخطاء من سبقوهم، لأنهم لم يرضوا عنها ولم ينادوا بشرف الانتماء إليهم.
والنداء كما علمت للبعيد لأن النداء بـ " يا " يكون للبعيد، ويراد هنا بالبعد البعد المعنوي، وهو علو الله في ندائهم، وناداهم ببني إسرائيل تذكيرا بمقام يعقوب
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 206