اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 202
وإن إبليس وذريته يجيئون إلى النفوس من قبل الشهوات، والأهواء، وعلى المؤمن أن يسد مسام الشيطان.
* * *
الأرض موطن التكليف
خرج آدم وزوجه من الجنة، ولم يكن فيها تكليف إلا أمرهما بألا يأكلا من شجرة معينة، خرجا إلى هذه الأرض، وكان التكليف، وكان اختبار بني آدم فيها، وعلى قدر ما يفعلون من خير يكون جزاء الخير، وعلى قدر ما يكسبون من إثم يكون جزاؤه، وفي كل نفس استعداد للخير، وللشر، والخير هو الأصل؛ ولذا قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا)، فكانت النفس الأمارة بالسوء بجوار النفس اللوامة فكان الاختبار بعد هبوط الأرض.
قال تعالى بعد قصة الخلق والتكوين:
* * *
(قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)
* * *
جاء التكليف عند نزول الأرض، وقوله:
(قُلْنَا) معناه أنه أُخرج من الجنة، وقال له تعالى بلسان التكوين: اهبطوا، والهبوط هنا معنوي أو حسي، والمعنوي أنهم نزلوا من الجنة حيث كان القرب من الملائكة الأطهار، وحيث كان العيش رغدا لا مشقة فيه، ولا جهد، بل هو راحة واطمئنان - إلى حيث اللغوب والمشقة، والمعترك الذي يكون فيه الغلب والقهر والانهزام، وحسي لأنه نزول من مكان عال إلى أدنى منه، والهبوط المعنوي ظاهر، ولذا نقتصر عليه، لأن الحسي غير ظاهر، وإذا كان الهبوط حيث التكليف فالجميع يهبطون: آدم وزوجه وإبليس، والتكليف على الجميع، فكل ينال أثر عمله.
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 202