اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 190
ذلك دلالة قاطعة، فإن التعبير بـ ثم يدل على الترتيب البياني في الذكر ولا يدل على الترتيب الواقعي، فإن الآيات قد تدل على غيره، وإنا نقرر أن الزمن لَا يحكم أفعال الله تعالى؛ فكما أنه تعالى لَا يكون في مكان:،، فأفعاله تعالى فوق الأزمان.
ولقد جاء النص الكريم بأن الأرض أخذت من السماء، وكانتا رتقا، أو شيئا واحدا، كما قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا منَ الْمَاءِ كُلَّ شيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ).
ولقد قال تعالى في بيان خلق السماء والأرض: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (12).
وقد يقال: إنك نفيت الزمان عن أفعال الله تعالى، وقد ذكر سبحانه أنه خلق الأرض في يومين، وأنه جعلها على ما هي عليه في أربعة أيام، وأنه قضى السماوات في يومين، فكيف تنفي الزمان عن خالق الزمان والليل والنهار؟ ونقول في جواب ذلك: إن اليوم ليس هو اليوم الذي نعده بالغروب والشروق بأن تدور الأرض حول الشمس دورة تبتدئ بشروق الشمس، وتنتهي بغروبها أو العكس، فإن ذلك تقدير نسبي بين الأرض والشمس، وما كانتا قد خلقتا، كما يدل صريح القرآن، إنما اليوم هنا المراد به الدور التكويني، وإذا أردنا أن نتصور الدور التكويني، فإننا نتصور على ضوء العلم أن الأرض انفصلت عن الكتلة الشمسية التي أشار إليها سبحانه وتعالى في قوله: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا. . .)، فهذا يوم، أي دوو تكويني، هو دوو انفصال الأوض عن الكتلة الشمسية.
اسم الکتاب : زهرة التفاسير المؤلف : أبو زهرة، محمد الجزء : 1 صفحة : 190