responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : طريق الهداية مبادىء ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة المؤلف : محمد يسري إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 258
وكل من تعمق وخاض في حقيقة الذات، أو الصفات من أهل الأهواء، وتكلف الوقوف على كنهها، والوصول إلى حقيقتها لم يجد ما يشفي؛ بل زاده ذلك شكًا وحيرة واضطرابًا.
ومما وردت أقوال أهل السنة بالنهي عن الخوض فيه القدر، ومن ذلك:
ما جاء عن الإمام أحمد -رحمه الله: "وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظرًا أو فكرًا أو وسوسة، فإنه تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال عز من قائل: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 23] ، فمن سأل لم فعل فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين"[1].
وخالفت القدرية والجبرية ومن لف لفهم في هذا الباب، وأطالوا النزاع فيه، وخاضوا فيما ليس لهم الخوض فيه، فوقعوا في التخبط والتناقض، فقال بعضهم: إن الأمر أنف يعني أن الله لا يعلم به إلا بعد وقوعه، وهؤلاء تبرأ منهم ابن عمر[2]، ومنهم من قال: إن أفعال العباد ليست مخلوقة، وأنكر بعضهم إرادة الإنسان ومشيئته، إلى آخر ما خالفوا فيه، مما يعلم بطلانه بيقين، ومخالفته للثابت في القرآن والسنة، والمجمع عليه عند أهل السنة والجماعة.

[1] الورع للإمام أحمد ص200.
[2] كما في صحيح مسلم "8".
المبحث السادس: الشمولية
الشمولية هي الموسوعية في المعنى والتطبيق، والمراد بالموسوعية في المعنى: شمول العقيدة للتصور الكامل للقضايا الكبرى التي ضل في تصورها كثير من الناس، والمراد بالموسوعية في التطبيق: شمولية آثار هذه العقيدة لحياة المسلم من جهاتها المختلفة، بحيث تتكامل هذه الآثار، وتتفاعل في صياغة الحياة صياغة ربانية.
ولذلك؛ فإن العقيدة الإسلامية -كأثر لهذا الشمول العام في الإسلام- عقيدة شاملة فيما تقوم عليه من أركان الإيمان وقواعده، وما يتفرغ عن ذلك، وشاملة في نظرتها للوجود كله، تعرف العبد على الله والكون والحياة والإنسان معرفة صحيحة شاملة.
مظاهر وصور الشمولية:
إن أركان الإيمان كلها مترابطة ارتباطًا وثيقًا، يكمل كل منها الآخر، وقد جاءت النصوص القرآنة لتؤكد على الارتباط بين الإيمان بالله والإيمان بالملائكة، وتقرن الإيمان بالله مع الإيمان باليوم الآخر، وتجعل الإيمان بالرسل أمرًا لا يتجزأ، فمن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعًا؛ بل كفر بالله تعالى؛ لأنهم جميعًا جاءوا برسالة واحدة من عند الله تعالى.
وإذا كانت الشمولية إحدى الخصائص الجلية في العقيدة الإسلامية بشكل عام، فإنها ظاهرة جلية عند أهل السنة بشكل خاص.
وهي تعني عدم الاقتصار على طلب علمها، وممارسة أعمالها والتحقق بمقتضياتها في باب دون باب، وفي أصل دون أصل، إذ ليس شيء من العقيدة مهجورًا، والجمع بين علمها ومقتضياتها، وآثارها في القلب والجوارح، هو تحقيق العبودية، ولهذه الشمولية
اسم الکتاب : طريق الهداية مبادىء ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة المؤلف : محمد يسري إبراهيم    الجزء : 1  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست