اسم الکتاب : طريق الهداية مبادىء ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة المؤلف : محمد يسري إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 213
يقوم به ما يتعلق بقدرته ومشيئته، وسموا ذلك حلول الحوادث، أولوا كل ما خالف هذا الأصل، ولما أصلت الجبرية أن قدرة العبد لا تأثير لها في الفعل بوجه من الوجوه، وأن حركات العباد بمنزلة هبوب الرياح وحركات الأشجار، أولوا كل ما جاء بخلاف ذلك، فهذا في الحقيقة هو عيار التأويل عند الفرق كلها"[1].
ولما سار أهل السنة في طريق الوحي المعصوم، وصلوا إلى جنة الحق، وعصموا من الخطأ والزلل والاضطراب، وكانوا أمة واحدة لا تفرق بينهم، ولا اختلاف في مسائل الاعتقاد، ولما تنكب غيرهم الطريق، فخالفوا أمر رب العالمين، باتباع الصراط المستقيم، وعدم اتباع سبل الشياطين، وخالفوا أمر النبي الأمين، فولجوا الأبوا المفتحة، وهتكوا الستور المرخاة، تحقق فيهم وعيده سبحانه لمن خالف أمره وأمر نبيه -صلى الله عليه وسلم، فتفرقوا عن سبيله واختلفوا، وزلوا واضطربوا، ووقعوا في التناقض، وأتوا بالعجائب، فهم في أمر مريج، يبدع بعضم بعضًا، ويفسق بعضهم بعضًا، ويكفر بعضهم بعضا، ذلك بما قدمت أيديهم، وأن الله ليس بظلام للعبيد.
قال قوام السنة الأصبهاني -رحمه الله: "وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع، رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعًا وأحزابًا، لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة في الاعتقاد، يبدع بعضهم بعضًا؛ بل يرتقون إلى التفكير يكفر الابن أباه، والرجل أخاه، والجار جاره، تراهم أبدًا في تنازع وتباغض اختلاف، تنقضي أعمارهم ولم تتفق كلماتهم: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [سورة الحشر: 14] "[2]. [1] الصواعق المرسلة لابن القيم: "1/ 230-232". [2] الحجة في بيان المحجة للأصبهاني: "2/ 225".
اسم الکتاب : طريق الهداية مبادىء ومقدمات علم التوحيد عند أهل السنة والجماعة المؤلف : محمد يسري إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 213